فقالت: نعم! واحسن في معناه. ثم غنت:
لعمرك ما استودعت سري وسرها ... سوانا حذار أنَّ تذاع السرائر!
أكاتم ما بالقلب بقيى على الهوى ... مخالفة أنَّ يغرى بذلك ذاكر
فانصرفوا، وكل قد لوح بحاجته، واخذ جوابه.
وقالت امرأة كان زوجها غائبا عنها فذكرته:
تطاول هذا الليل وأسود جانبه ... وأرقني ألا خليل ألاعبه
فو الله لولا الله تخشى عواقبه ... لزعزع من هذا السرير جوانبه
وبت إلا هي غير بدع منعما ... لطيف الخشا لا يحتويه مصاحبه
يلاعبني فوق الحشايا وتارة ... يعاتبني في حبه وأعاتبه
ولكنني أخشى رقيبا موكلا ... بأنفاسنا لا يفتر الدهر كاتبه
مخافة ربي والحياء يصونني ... وحفظا لبعلي أنَّ تنال مراكبه
ويروى أنَّ أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه خرج ليلا فسمع هذا المرأة تنشد، فلما فرغت من الشعر المذكور، تنفست الصعداء وقالت لهان على أبن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني. فتأوه عمر لذلك ووجه في إقبال زوجها، وسأل النساء كم تصبر المرأة عن الزوج، فقلن أربعة اشهر، فجعل ذلك غاية الغيبة في المغازي كما في الايلاء وقيل ستة اشهر. وفي الشعر المذكور اختلافات كثيرة.
وقال الآخر:
رب ليل أمد من نفس العا ... شق طولا قطعته بانتحاب
وحديث ألذ من نظر الوا ... مق بدلته بسوء العتاب
يحكى عن خالد الكاتب قال: دخلت دير فإذا أنا بشاب جميل موثق، فسلمت عليه فرد علي وقال: ومن أنت: فقلت خالد بن يزيد. وقال: صاحب الشعر الرقيق؟ فقلت: نعم! قال: إنَّ رأيت أنَّ تفرج عني بعض ما أنا فيه بإنشاد شيء من شعرك ففعل! فأنشده: