للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: وما تنشق نشر الشكر ذو كرم البيت نحوه ما يحكى عن بعضهم قال: رأيت رجلا من وجوه أهل مكة لا يزال دائبا في طلب حوائج الناس وادخل الرفق على الضعفاء. فقلت له: اخبرني عن الحال التي أوجبت لك هذا التعب. فقال: قد والله سمعت تغريد الطير بالأسحار من فروع الأشجار وسمعت خفوق أوتار العيدان وترجيع أصوات القيان فما طلابت من صوت قط طربي من ثناء حسن على رجل قد احسن ومن شكر حر لرجل حر ومن شفاعة محتسب لطالب شاكر وفي مدح الكرم وذم البخل قول الله تعالى: ومن يوق شح نفسه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله يحب الجود ومكارم الأخلاق، ويكره سفسافها ". وقوله صلى الله عليه وسلم: أي داء أدوا من البخل؟ كما مر في قصته. وقيل لمحمود بن عياد: أنت متلاف! فقال: منع الجود، سوء الظن بالمعبود. أخذه محمود الوراق فقال:

من ظن بالله خيراً جاد مبتدياً ... والبخل من سوء ظن المرء بالله

وخوف بعض البخلاء بعض الأسخياء الإملاق، فرد عليه السخي وقال: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة منه وفضلا. وقيل لعبد الله بن جعفر: إنك قد أسرفت في بذل المال. فقال: إنَّ الله تعالى عودني أنَّ يتفضل علي، ودعوته أنَّ أتفضل على عبيده؛ فأخاف أنَّ أقطع العادة، فيقطع عني عادته.

وقال أيضاً:

إنَّ الغريب الطويل الذيل ممتهن ... فكيف حال غريب ما له قوت؟

لكنه ما يشين الحر موجعة: ... فالمسك يسحق والكافور مفتوت

وطالما أصلي الياقوت جمر غضا ... ثم انطفى الجمر والياقوت ياقوت

وقال أيضاً:

أستغفر الله من ذنوب ... أسرفت فيهن واعتديت

كم خضت بحر الضلال جهرا ... ورحت في الغي واغتديت!

<<  <  ج: ص:  >  >>