للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم أطلعت الهوى اغتراراً ... واختلت واغتلت وافتريت!

وكم خلعت العذار ركضا ... إلى المعاصي وما ونيت!

وكم تناهت في التخطي ... إلى الخطايا وما انتهيت!

فليتني كنت قبل هذا ... نسيا ولم أجد ما جنيت!

فالموت للمجرمين خير ... من المساعي التي سعيت

وقال طفيل الغنوي:

جزى الله عنا جعفراً حينما أزلقت ... بنا رجلنا في الواطئين وزلت

أبوا أنَّ يلمونا ولو أنَّ أمنا ... تلاقي الذي يقولون منا لملت

وهم أسكنوا في ظلال بيوتهم ... ظلال بيوت أدفأت وأكنت

ويروى أنَّ مالا جاء من البحرين فقسمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالسوية، فغضبت الأنصار وقالوا: لنا فضل. فقال: صدقتم! إنَّ أردتم أنَّ أفضلكم ذهب عملكم للدنيا، وإنَّ صبرتم كان ذلك لله. فقالوا: والله ما عملنا إلاّ لله! وانصرفوا. فخطب أبو بكر وقال أثناء خطبته: يا معشر الأنصار! لو شئتم لقلتم: أنا آويناكم في ظلالنا، ونشاطركم في أموالنا، ونصرناكم بأنفسنا. يا معشر الأنصار! لكم من الفضل ما لا يحصيه العدد، وإنَّ طال به الأمد. فنحن وأنتم كما قيل طفيل الغنوي وأنشد الأبيات، متمثلا. وقال كثير:

هنيئا مريئا غير داءٍ مخامرٍ ... لعزة من إعراضنا ما استحلت

حكي أنَّ الشعبي أتى المسجد يوما فصادف فيه قوما يغتابونه، فأخذ بعضادتي الباب وقال: هنيئا مريئا " البيت ". وهذا البيت من قصيدة كثير التائية المشهورة التي أولها:

خليلي هذا ربع عزة فاعقلا ... قولوا صيكما ثم أبكيا حيث حلت!

ومنها:

وكنت كذي رجلين: رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلت

وكانت كذات الضلع لمّا تحاملت ... على ضلعها بعد العثار استقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>