للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل لآخر: أتعرف ربك؟ فقال: وكيف لا اعرف من أجاعني واعراني؟ وقيل لآخر وقد رئي مغتنما: ما غمك؟ فقال: سوء الحال وكثرة العيال. فقال له: لا تغتنم فإنهم عيال الله. فقال: صدقتم ولكن كنت أحب أن يكون الوكيل عليهم غيري! وقال بعضهم: كان لآدم عليه السلام غلام يخدمه فنحن معاشر المحارفين من نسل ذلك الغلام ولا نسب بيننا وبين آدم فإنَ الله يقول: ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات. وليس فينا ولا عندنا شيء من هذه الخصال فلو كنا بني آدم لكان لنا حظ من هذه الأشياء! واستقى قوم يوم الخميس فمطروا. فنظر إليهم بعض المشائيم وهم منصرفون فرحين بالسقايا فقال: والله ما بي إلاّ انهم يظنون إنَّ الله استجاب لهم. والله ما مطروا إلاّ أني غسلت ثيابي اليوم والله ما غسلتها قط إلاّ تغيمت السماء ومطرة ولا بأس فليرجعوا إلى خميس آخر: فإنَ مطروا فليحلقوا لحيتي! وقال أبو العباس أحمد المقري الفاسي يخاطب التاج التونسي:

والله ما انصفتنا يا تاج: ... فسقامنا لدوائكم مجتاج

فقضية قد ركبت بشروطها ... أفممكن أن يخلف الإنتاج

وقال الآخر:

ولم أر شيئاً بعد ليلى ألذه ... ولا منهلا أروى به فأعيج

يقال: ما عجت بالدواء أي لم انتفع به. ويزعم كثير من اللغويين والنحويين إنّه لا يستعمل إلاّ في النفي كما مثلنا وكما في قول كثير:

قلما نفعت نفسي بما أمروا به ... ولا عجبت من أقاويلهم بفتيل

والبيت المذكور يرده إلاّ إنَّ يتأول إنّه لمّا كان الموصوف منفيا كانت الصفة وما عطف عليها أيضاً في معنى النفي والله اعلم.

وقال الآخر في الأوصاف:

في ليلة أكل المحاق هلالها ... حتى تبدى مثل وقوف العاج

والصبح يتلو المشتري فكأنه ... عريان يمشي في الدجا بسراج

ومثله قول الآخر:

يا رب ليل رقبناه وقد طلعت ... بقية البدر في أولى بشائره

كأنما ادهم الإظلام حين نجا ... من أشهب الصبح خلى نعل حافره

<<  <  ج: ص:  >  >>