للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من هاهنا تحرمون كدكم ... لأنكم تكذبون في المدحِ

صونوا القوافي فما أرى أحداً ... يعثر فيه الرجاء بالنجاحِ

فإن شككتم فيما أقول لكم ... فكذبوني بواحد سمحِ!

ونحو هذا البيت في المعنى ما حكي أنَّ بعض ظرفاء السؤال مر بقوم يأكلون فقال لهم: يا بخلاء! فأنكروا عليه. فلما سمع إنكارهم قال لهم: كذبوني بلقمة! وقال أبن ميادة:

فنظرن من خلل الحجال بأعينٍ ... مرضى يخالطها السقام صحاحِ

وأرشن حين أردن أن يرمينني ... نبلاً بلا ريشٍ ولا بقداحِ

وقال آخر يخاطب الناس:

تبعتم السابح في لجه ... ورعتم في الجو ذات الجناح

هذا وأنتم غرضٌ للردى ... فكيف لو خلدتم يا قباحِ؟

وقال أبن الساعاتي:

وكم فيك من عذراء زفت ... لفهمك في غدو أو رواحِ

من الغيد الحسان بلا شبيهٍ ... فكيف يفوتها حظ القباحِ؟

وقال الآخر:

وإذا الفتى من دهره كملت له ... خمسون وهو إلى التفى لم يجنحِ

طلعت عليه المخزيات وقلن قد ... أرضيتنا فكذاك كن لا تبرحِ

وإذا رأى إبليس صورته بدت ... حيى وقال: فديت من لم يفلحِ

ومثله قول التهامي:

إذا بلغ الفتى عشرين عاماً ... وأعجزه الفخار فلا اعتذارُ

إذا ما أوّل الخطي أعطى ... فما يرجى لآخره انتظارُ

وقول الآخر:

وصهباء جرجانية لم يطف بها ... حنيف ولم تنغر بها ساعة قدرُ

أتاني بها يحيى وقد نمت نومةً ... وقد غابت الشعرى وقد طلع النسرُ

فقالت اغتبقها أو لغيري فاسقها ... فما أنا بعد الشيب ويحك والخمرُ

إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يأتي حياءٌ ولا سترُ

<<  <  ج: ص:  >  >>