للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه التورية في الاشعر مع الاعتزال من حيث إنّه وصف كأحمر أي ذو شعر أو بياء النسبة، والتورية في النظر والوجه من حيث إنّه نظر البصر أو نظر البصيرة، والوجه وجه الحبيب أو وجه الدليل.

وقولي من قصيدة زمن الصبا أخاطب شيخنا الإمام الهمام أمتعني الله به:

وفينا معان بينت قدم الهوى ... فليس لعمري بالبديع إلى الصدر

وقد أعربت جزما بنصب أدلة ... فيرفع ما بينى على الظن من هجر

فإنَّ لم يكن عن ذلك فعلي معربا ... تغنيت بالماضي من الحال والأمر

وهذه التوريات واضحة كلها، وقد وقع لي مثل هذا النوع كثيرا ولم أذكره.

وقولي من قصيدة أخرى موريا بالعباب و " الجوهري " من كتب اللغة:

وعبرت من لجج العلوم عبابها ... حتى أنثنيت بمنفسات الجوهر

وهذه القصيدة خاطبت بها بعض فضلاء العصر. فلما وقف عليها استحسنها هو وجماعة من الفضلاء الواقفين عليها غاية. وكان من أغبياء الطلبة بعضهم من لم يرتق فهمه إلى ألفاظها، فضلاً عن معاينتها، فتعلل لنفسه القاصرة بأنها مشتملة على الوحشي من اللغة. فلما بلغني ذلك قلت:

تسامى لأذيالي مذال ولم أكن ... لكل ذليل بالذلول ولا السهل

ورام مرامات امرئ طالما علا ... على الحزن من فيح البلاغة والسهل

وأرسلتها غراء ليس يذيمها ... سوى العمي عن شمس الظهيرة والجهل

فأنكر جهلا ما حوته رسالتي ... ولا غرو فالتكذيب شان أبي جهل!

وفيه التورية بابي جهل مع الجناسات الكثيرة. والجهل بضم فسكون جمع جاهل. وتخلف بعض أصحابي عن مجلس الدرس في اليوم المسمى بالعجوز، وآخر ينير، حبسه البرد، فكتبت إليه على سبيل المطايبة:

أعجزت عنا العجوز ولم يكن ... رجل لتمنعه عجوز عائده؟

وعدلت عن أبكار فكري بكرة ... اتباع بكر بالعجوز الباردة؟

وفيه التورية بالعائدة من حيث إنّه وصف للعجوز أي صارفة وعائقة وإنّه معمول المنع بمعنى العطية والصلة، وفي العجوز أيضاً بين اليوم والمرأة بقرينة ذكر الرجل. وينشد أيضاً عجوز جالدة أو فائدة، وفي كليهما التورية: فالجالدة إما بمعنى ذات الجليد، من

<<  <  ج: ص:  >  >>