فارتاع عبد الملك ثم قال: بل توفي نذرها بك ويلك مالي ولك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لا ترع والله ما عنيت إلاّ نفسي فقال: أما والله لتلمن بي وأبو الوليد كنية لعبد الملك وكنية لأرطأ أيضاً. وقال الآخر:
لنا عز ومرمانا قريب ... ومولى لا يدب مع القراد
وقوله لا يدب مع القراد أشار به إلى رجل من العرب كان يخرج ومعه شنة فيها قردان فيشدهما في ذنب بعير من الإبل فإذا قرصته القردان نفر فنفرت الإبل لقعقة الشن. فإذا نفرت أستل منها بعيرا فذهب به.
وقال الآخر:
ستبكي المخاض الجرب إن مات هيثم ... وكل البواكي غيرهن جمود
يقول إنّه كان بخيلا يستبقينه وينحرهن: فهن يبكين عليه إن مات لمّا أحسن إليهن ولا يبكي عليه أحد من الناس لعدم خيره وإحسانه. وهذا من أقبح الهجو غير أنَّ في قوله جمود مغمزا. وضد هذا من المدح قول الآخر:
قتيلان لا تبكي المخاض عليهما ... إذا شعبت من قرمل وأفان
والأفاني جمع افانية والأفانية والقرمل نبتان يرعيان. وقال الآخر:
إذا جاوزت من ذات عرق ثنية ... فقل لأبي قابوس ما شئت فارعد
ونحوه قول الفرزدق السابق:
وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد؟
وتقدم تفسير رعد وبرق بما أغنى عن إعادته. ونحوه قال الآخر:
يا جل ما بعدت عليك بلدنا ... فابرق بأرضك ما بدا لك وأرعد
وقال الآخر:
ما قام عمرو في الولاية ... قائما حتى قعد
وسبب هذا أنَّ بعض الوزراء قلد أبن حجاج ولاة فخرج إليها يوم الخميس وتبعه عزله يوم الأحد فقال فيه:
يا من إذا نظر الهلال ... إلى محاسنه سجد
وإذا رأته الشمس كادت ... أن تموت من الحسد