للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميعا إلاّ الأسود من الخمر. فتحير في أمرها وجاء نحو المسجد وسلأل عن من به من أهل الخير. فدل على مسكن الدارمي المذكور. فجاء وشكا إليه أمره وسأله الدعاء بتيسير بيع اللون فدفعها له وقال له: غن بها حيثما أمكنك فإنّها لى! فذهب يغني بها في سكك المدينة فظن الناس إنّه ترك التنسك وعاد إلى المجون ولامه أصحابه في ذلك فقال: ولتعلمن نبأه بعد حين! وشاع في المدينه أنَّ الدارمي تعشق صاحبة الخمار الأسود فبيعت بذلك خمر التاجر وعاد الدارمي إلى نسكه.

وهو القائل:

وسميت مسكيناً وما بي حاجةٌ ... وإني لمسكين إلى الله راغبُ

وإني امرؤ لا اسأل الناس ما لهم ... بشعر ولا تعيي على المكاسبُ

وينسب إلى القاضي التنوخي في معارضة أبيات الخمار المذكورة:

قل للمليحة في الخمار المذهب: ... أفسدت نسك أخي التقي المترهبِ

نور الخمار ونور خدك تحته ... عجباً لوجهك كيف لم يتلهب!

وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن نهجيهما من مذهبِ

وإذا أتت عين اتسرق نظرة ... قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي!

وقال الفرزدق:

وخير الشعر أشرفه رجالا ... وشر الشعر ما قال العبيدُ

وسبب قوله ذلك إنّه اجتمع مع نصيب الشاعر الأسدي في مجلس سليمان بن عبد المكل فقال الفرزدق شعرا يفخر فيه بأبيه ومنه:

وركبٍ كأن الريح تطلب عندهم ... لهاترةً من جذبها بالعصائبِ

سروا يخبطون الريح وهي تلفهم ... إلى شعب الأكوار ذات الحقائبِ

إذا آنسوا ناراً يقولون ليتها ... وقد خصرت أيديهم نار غالبِ!

فأعرض سليمان كالمغضب ففطن له نصيب فقال له: أيأذن أمير المؤمنين أن أقول؟ قال: قل! فقال نصيب:

<<  <  ج: ص:  >  >>