للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعموا أنَّ العلوي قائل هذا الشعر حاصر قلعة حتى كاد يقتحمها. وكانت فيها امرأة ذات حسن وجمال فقالت لأهلها: أنا أكفيكم أمره! فتبرقعت وخرجت نحو العسكر وقالت: أبلغوني إلى الأمير! فأبلغوها إليه فقالت: أنت القائل:

نحن قوم تذيبنا الأعين

فقال: نعم! فنزعت البرقع عن وجهها وقالت: أحسنا ترى أم قبيحاً؟ فقال: والله ما أرى إلاّ حسنا! فقالت: ما حق المولى على عبده؟ فقال: السمع والطاعة. فقالت: فأرحل عنا وانصرف راشداً قال: نعم: وأمر بالرحيل. فقال له أهل العسكر: إنَّ المدينة بأيدينا. فقال: لا سبيل إلى الإقامة ساعة واحدة. ثم خطب تلك المرأة وتزوجها، فكانت عنده أحظى نسائه.

وقال الآخر في الثقلاء:

إلمام كل ثقيل قد أضر بنا ... نروم نقصهم والشيء يزداد

ومن يخف علينا لا يلم بنا ... وللثقيل على الساعات ترداد

وقال الآخر:

إذا هز الكريم يزيد خيراً ... وإنَّ هو اللئيم فلا يزيد

وروي أنَّ أعرابيا وقف على مروان بن الحكم، وهو يفرض العطاء بالمدينة، فقال له: أفرض لي! فقال: قد طوي الكتاب! فقال له الأعرابي: أما علمت إني القائل: إذا هز الكريم؟ فقال: نشدتك الله، وأنت القائل له؟ قال: نعم! فقال مروان: افرضوا عليه ما يرضيه! وقال الآخر:

لا يوجد الخير إلاّ في معادنه ... والشر حيث طلبت الشر موجود

ويحكى عن جعفر بن يحيى إنّه في بعض أسفاره عرض عليه مماليك رجل جفاه السلطان، وفيهم غلام جميل. قال: فقلت له: ما اسمك؟ قال: ماهر. قلت وما صنعتك؟ قال: الأدب والشعر والغناء، وما شئت من بعد. فسألت عن ثمنه فقيل خمسمائة دينار على الضرورة. فوزنت ثمنه وسألته إنَّ يسمعني شيئاً من غنائه. فأخذ العود واندفع يغني:

حملتم جبال الحب فوقي وإنني ... لأعجز عن حمل القميص وأضعف

ظفرتم بكتمان اللسان فمن لكم ... بكتمان عين دمعها الدهر يذرف؟

<<  <  ج: ص:  >  >>