للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باح مجنون عامرٍ بهواه ... وكتمت الهوى فمت بوجدي

فإذا كان في القيامة نودي: ... من قتيل الهوى؟ تقدمت وحدي!

وقال الآخر:

يقولون: إنَّ الحب كالنار في الحشى ... لقد كذبوا فالنار تذكو وتخمد

وما هو إلاّ جذوة مس عودها ... تسعر قلبا للمشوق وتوقد!

وقال الآخر:

أمسك ملامك عني إنني كمد ... إذ لم تجد في الهوى يوما كما أجد

إنَّ لم تصدق دموعي في الذي شهدت ... فأنظر إلى جسدي إنَّ كان لي جسد

يا ويح أهل الهوى إني لأرحمهم ... تبلى الجسوم وأثواب الهوى جدد

لولا ترحمهم أيقنت انهم ... يشقون دهرهم أضعاف ما سعدوا!

وقال الآخر:

كفى حزنا إني مقيم بلذةٍ ... وأحباب قلبي نازحون بعيد

أقلب طرفي في الديار فلا أرى ... وجوها لأحبابي الذين أريد!

وقد قلت في غرض الباب قصيدة، فرأيت إنَّ أثبتها هنا، وإنَّ كان فيها بعض ول، وهي:

أبى الدهر إلاّ أنَّ يجوز على القصد ... وأنَّ يعكس الآمال في كل ما يبدي

ويبسط بين الفرقدين يد النوى ... ويدني الثريا من سهيل على بعد

ويسمو بالوهد الحضيض على الذرى ... ويسفل بالطود السمي على الوهد

ويستبدل البردي في الطعن بالقنا ... وغصن النفى الأملود بالصارم الهندي

وأنَّ يجعل العقبان في الجو طعمة ... لورقاء والضبعان مفترس الأسد

ويهدي بالضب القطاة ركية ... على العشر والسمع النتائف بالخلد

ويرفع أقدار اللئام على الألى ... لهم فدم في المجد والشرف العد

ويلوي تدبير الورى كل مائقٍ ... وفضل الغنى كل امرئ شكس نكد

أجل إنّها الأحداث تجري مدارة ... مقاليدها في قبضة الصمد الفرد!

مقادير منه أبرمت عن مشيئةٍ ... قديما وعن علم محيط وعن قصد

وعدل وأحكام مبين وحكمة ... تحار النهي في نيل فياضها المد

وليست بما تهوى النفوس صروفها ... ولا حذر المحتال في صرفها يجدي

<<  <  ج: ص:  >  >>