للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتك إن أرسلت طرفك رائداً ... لقلبك يوماً أعجبتك المناظرُ

رأيت الذي لا كله أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابرُ

وهذا مثل مشهور.

وعن الأصمعي قال: كنت في بعض مياه العرب فسمعت الناس يقولون: جاءت! جاءت! فنظر فإذا جارية وردت الماء ما رأى الراؤون مثلها. فلما رأت إلحاح الناس بالنظر إليها أرسلت برقعا كأنه غمامة غطت شمسا. فقالت لها: تمنعين الناس من النظر إلى هذا الوجه الحسن؟ فقالت: رايتك إن أرسلت طرفك. . " البيتين "

فنظر إليها أعرابي فقال: أنا والله ممن ولى صبره! ثم أنشد:

أوحشية العينين أين لك الأهل؟ ... أب الحزن حلوا أم محلهم السهلُ؟

وأية أرض أخرجتك فإنني ... أراك من الفردوس أنسأك الأصلُ

أم البدر أنشأك المنير فإن يكن ... لبدر الدجى نسلٌ فأنت له نسلُ

حسنت فأما الوجه منك فمشرقٌ ... وعينان كحلاوان زينهما كحلُ

قفي خبرينا ما طعمت وما الذي ... شربت ومن أين استقل بك الرحلُ

فإنَّ علامات الجنان مبنيةٌ ... عليك وإنَّ الشك يشبهه الشكلُ

وقال:

فإنا ومن يهدي القصائد نحونا ... كمستبضعٍ تمرا إلى أرض خيبرا

وقال يحيى بن طالب الحنفي:

تعزيت عنها كارها فتركتها ... وكان فريقها أمرَّ من الصبرِ

وكان يحيى هذا سخيا جوادا. ثم إنّه ركبه دين فادح فجلا عن اليمامة إلى بغداد يسأل السلطان في قضاء دينه. فأراد رجل من أهل اليمامة الشخوص إليها من بغداد فشيعه يحيى. فلما جلس الرجل في الزورق ذرفت عينا يحيى فأنشأ يقول:

أحقاً عباد الله أن لست ناظراً ... إلى قرقرا يوماً وأعلامها الخضر؟

إذا ارتحلت نحو اليمامة رفقةٌ ... دعاك الهوى واهتاج قلبك للذكرِ

أقول لموسى والدموع كأنها ... جداول ماء في مساربها تجري:

<<  <  ج: ص:  >  >>