. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْوَاضِعِ بِوَضْعِ صِيَغِ الْعُمُومِ ; فَلِأَنَّا فَرَضْنَاهُ حَكِيمًا ; فَلَوْ أَخَلَّ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، لَمْ يَكُنْ حَكِيمًا هَذَا خُلْفٌ.
فَإِنْ قِيلَ: عِنْدَكُمْ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى رِعَايَةُ الْمَصَالِحِ ; فَلَعَلَّهُ أَخَلَّ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ.
قُلْتُ: إِنْ مَنَعْنَا أَنَّ وَاضِعَ اللُّغَةِ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يَلْزَمْنَا هَذَا السُّؤَالُ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ ; فَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ اللُّغَةَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ التَّكْلِيفِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِهِ ; فَلَوْ كَلَّفَهُمْ بِدُونِهِ، لَزِمَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّكْلِيفُ بِدُونِ اللُّغَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَخْلُقَ فِي قُلُوبِ الْمُكَلَّفِينَ عُلُومًا يُدْرِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِهَا مَا فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ.
قُلْنَا: فَذَلِكَ أَيْضًا غَيْرُ وَاجِبٍ ; فَجَازَ أَنْ يَتْرُكَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ كَمَا قُلْتُمْ فِي اللُّغَةِ، وَحِينَئِذٍ يَدُورُ الْأَمْرُ بَيْنَ وَضْعِ لُغَةٍ يَتَفَاهَمُونَ بِهَا، وَبَيْنَ خَلْقِ عُلُومٍ يُدْرِكُونَ بِهَا مَا فِي نُفُوسِهِمْ ; فَتَرَجَّحَ وَضْعُ اللُّغَةِ بِإِرَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِطْلَاقَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ يُفْهَمُ مِنْهَا الْعُمُومُ فِي عُرْفِ أَهْلِ اللِّسَانِ ; فَتَكُونُ لِلْعُمُومِ. أَمَّا أَنَّهَا يُفْهَمُ مِنْهَا الْعُمُومُ ; فَلِأَنَّ «مَنْ قَالَ: اقْطَعِ السَّارِقَ، وَاجْلِدِ الزَّانِيَ، وَاقْتُلِ الْمُشْرِكِينَ، وَارْحَمِ النَّاسَ وَالْحَيَوَانَ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَمَالِي صَدَقَةٌ، وَمَنْ جَاءَكَ فَأَكْرِمْهُ، وَأَيَّ رَجُلٍ لَقِيتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute