للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةُ: يَكْفِي الْمُقَلِّدَ سُؤَالُ بَعْضَ مُجْتَهَدِي الْبَلَدِ، وَفِي وُجُوبِ تَخَيُّرِ الْأَفْضَلِ قَوْلَانِ:

النَّافِي: إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى تَسْوِيغِ سُؤَالِ مُقَلِّدِيهِمُ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ لِأَنَّ الْفَضْلَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِخَاصَّةِ الْأَفْضَلِيَّةِ.

الْمُثْبِتُ: الظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنْ قَوْلِ الْأَفْضَلِ أَغْلَبُ، فَإِنْ سَأَلَهُمَا وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ الْأَفْضَلِ فِي دِينِهِ وَعِلْمِهِ كَالْمُجْتَهِدِ يَتَعَارَضُ عِنْدَهُ الدَّلِيلَانِ، أَوْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ خِلَافٌ، الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيُعَرَفُ الْأَفْضَلُ بِالْإِخْبَارِ وَإِذْعَانِ الْمَفْضُولِ لَهُ وَتَقْدِيمِهِ، وَنَحْوِهِ مِنَ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدَةِ لِلظَّنِّ، فَإِنِ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ اتَّبَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ.

وَقِيلَ: الْأَشَدُّ، إِذِ الْحَقُّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ، وَالْبَاطِلُ خَفِيفٌ وَبِيٌّ.

وَقِيلَ الْأَخَفُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، «لَا ضَرَرَ» ، «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ» .

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَا لِتَعَارُضِهِمَا، وَيَرْجِعَ إِلَى غَيْرِهِمَا إِنْ وَجَدَ، وَإِلَّا فَإِلَى مَا قَبْلَ السَّمْعِ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ «الثَّانِيَةُ: يَكْفِي الْمُقَلِّدَ سُؤَالُ بَعْضِ مُجْتَهَدِي الْبَلَدِ» يَعْنِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ سُؤَالُ جَمِيعِهِمْ. «وَفِي وُجُوبِ تَخَيُّرِ الْأَفْضَلِ» . أَيْ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَفْضَلَ الْمُجْتَهِدِينَ فَيَسْتَفْتِيَهِ؟ فِيهِ «قَوْلَانِ» : بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ «النَّافِي» ، أَيْ: احْتَجَّ النَّافِي لِوُجُوبِ تَخَيُّرِ الْأَفْضَلِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>