ثُمَّ الْخِطَابُ، إِمَّا أَنْ يَرِدَ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ، أَوْ لَا مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ النَّدْبُ، أَوْ بِاقْتِضَاءِ التَّرْكِ مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ. أَوْ لَا مَعَ الْجَزْمِ، وَهُوَ الْكَرَاهَةُ. أَوْ بِالتَّخْيِيرِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ. فَهِيَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، إِذْ هِيَ مِنْ خِطَابِ الشَّرْعِ، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، لِأَنَّهَا انْتِفَاءُ الْحَرَجِ، وَهُوَ قَبْلَ الشَّرْعِ، وَفِي كَوْنِهَا تَكْلِيفًا خِلَافٌ.
ــ
قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْخِطَابُ، إِمَّا أَنْ يَرِدَ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ» إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا مَوْضِعُ قِسْمَةِ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الَّتِي وَعَدْنَا بِهَا أَوَّلَ الْفَصْلِ.
وَتَقْرِيرُهَا: أَنَّ خِطَابَ الشَّرْعِ، إِمَّا أَنْ يَرِدَ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ، أَوْ بِاقْتِضَاءِ التَّرْكِ، أَوْ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ.
فَإِنْ وَرَدَ بِاقْتِضَاءِ الْفِعْلِ، فَهُوَ إِمَّا مَعَ الْجَزْمِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ اقْتِضَاؤُهُ الْفِعْلَ مَعَ الْجَزْمِ - وَهُوَ الْقَطْعُ الْمُقْتَضِي لِلْوَعِيدِ عَلَى التَّرْكِ - فَهُوَ الْإِيجَابُ نَحْوَ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [الْبَقَرَةِ: ٤٣] .
وَإِنْ لَمْ يَكُنِ اقْتِضَاءُ الْفِعْلِ مَعَ الْجَزْمِ، فَهُوَ النَّدْبُ، نَحْوَ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٢] ، {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النِّسَاءِ: ٦] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: اسْتَاكُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute