السَّادِسَةُ: إِذَا اشْتُهِرَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ بَعْضِهِمُ التَّكْلِيفِيُّ وَلَمْ يُنْكَرْ فَإِجْمَاعٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَقِيلَ: حُجَّةٌ لَا إِجْمَاعٌ، وَقِيلَ: فِي الْفُتْيَا لَا الْحُكْمِ، وَقِيلَ: هُمَا بِشَرْطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، وَقِيلَ: بِشَرْطِ إِفَادَةِ الْقَرَائِنِ الْعِلْمَ بِالرِّضَا.
لَنَا: يَمْتَنِعُ عَادَةً السُّكُوتُ عَنْ إِظْهَارِ الْخِلَافِ، لَا سِيَّمَا مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُجَاهِدِينَ فِي الْحَقِّ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِيهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ.
قَالُوا: يَحْتَمِلُ سُكُوتُهُ النَّظَرَ، وَالتَّقِيَّةَ، وَالتَّصْوِيبَ، وَالتَّأْخِيرَ لِمَصْلَحَةٍ، أَوْ ظَنَّ إِنْكَارِ غَيْرِهِ، أَوْ خَوْفَ عَدَمِ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ، فَحَمْلُهُ عَلَى الرِّضَا تَحَكُّمٌ.
قُلْنَا: كُلُّ ذَلِكَ إِذَا قُوبِلَ بِظَاهِرِ حَالِهِمْ لَمْ يَنْهَضْ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى خُلُوِّ الْعَصْرِ عَنْ قَائِمٍ بِحُجَّةٍ، وَلِأَنَّ غَالِبَ الْإِجْمَاعَاتِ كَذَا، إِذِ الْعِلْمُ بِتَصْرِيحِ الْكُلِّ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَذِّرٌ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ " السَّادِسَةُ: إِذَا اشْتُهِرَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ بَعْضِهِمُ التَّكْلِيفِيُّ " أَيِ: الْمُتَعَلِّقُ بِأَحْكَامِ التَّكْلِيفِ " وَلَمْ يُنْكَرْ " أَيْ: لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ، فَهُوَ " إِجْمَاعٌ " إِلَى آخِرِهِ.
اعْلَمْ أَنَّهُ فِي " الرَّوْضَةِ " فَرَضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِمْ، بَلْ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ، مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ مُجْتَهِدِي الْأَعْصَارِ، وَلَكِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِمَا إِذَا قَالَ بَعْضُ الْأُمَّةِ قَوْلًا، وَسَكَتَ الْبَاقُونَ مَعَ اشْتِهَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute