للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَقَالَ الْآمِدِيُّ: الْوَاجِبُ: مَا تَرْكُهُ سَبَبٌ لِلذَّمِّ شَرْعًا فِي حَالَةٍ مَا. فَقَوْلُهُ: فِي حَالَةٍ مَا، مُحَافَظَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّ تَرْكَهَا إِنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلذَّمِّ. وَقَالَ ابْنُ الصَّيْقَلِ: الْوَاجِبُ: هُوَ الْفِعْلُ الْمُقْتَضَى مِنَ الشَّارِعِ، الَّذِي يُلَامُ تَارِكُهُ شَرْعًا، وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا، غَيْرَ أَنَّ اللَّوْمَ أَخَفُّ مِنَ الذَّمِّ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اللَّوْمُ: الْعَذْلُ. وَقَالَ أَيْضًا: اسْتَلَامَ الرَّجُلُ إِلَى النَّاسِ: اسْتَذَمَّ.

فَعَلَى هَذَا هُمَا سَوَاءٌ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي حَدِّ الْوَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاجِبٍ، فَإِنَّ تَارِكَهُ مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالنَّائِمِ وَالنَّاسِي، فَإِنَّهُمَا يَتْرُكَانِ الْوَاجِبَاتِ حَالَ النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ وَلَا يُذَمَّانِ.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْوُجُوبَ وَالذَّمَّ مِنْ لَوَاحِقِ التَّكْلِيفِ، وَالنَّاسِي وَالنَّائِمِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، غَيْرُ مُكَلَّفٍ عِنْدَنَا فِي حَالِ الْعُذْرِ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْخِطَابُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ، كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ تَكْلِيفِ النَّائِمِ وَالنَّاسِي. وَإِذَا كَانَا غَيْرَ مُكَلَّفَيْنِ لَمْ يَنْتَقِضِ الْحَدُّ بِهِمَا، كَمَا لَا يَنْتَقِضُ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

وَقِيلَ: حَدُّ الْوَاجِبِ: مَا يَتَعَرَّضُ تَارِكُهُ لِلْعِقَابِ وَاللَّوْمِ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي حَدِّ الْوَاجِبِ.

الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ

قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي الْوَاجِبَ «مُرَادِفٌ لِلْفَرْضِ عَلَى الْأَصَحِّ» أَيْ: أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. «وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: الْفَرْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>