. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَقْصُودِ الْوَاضِعِ، وَالْمُتَجَوِّزِ، وَالْمُتَخَاطِبِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ بِجَامِعِ الشُّجَاعَةِ، وَهِيَ صِفَةٌ ظَاهِرَةٌ، لَا كَإِطْلَاقِ لَفْظِ الْأَسَدِ عَلَى الْإِنْسَانِ الْأَبْخَرِ لِخَفَائِهَا، أَيْ: لِخَفَاءِ صِفَةِ الْبَخْرِ فِي الْأَسَدِ، فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَعْلَمُهَا فِيهِ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ، بِخِلَافِ الشَّجَاعَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا إِلَّا الْقَلِيلُ النَّادِرُ.
قَوْلُهُ: «وَيُتَجَوَّزُ بِالسَّبَبِ عَنِ الْمُسَبَّبِ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا ذِكْرُ أَقْسَامِ التَّجَوُّزِ، وَالْمَذْكُورُ مِنْهُ هَاهُنَا سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا، نَحْنُ ذَاكِرُوهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا فِي الْمُخْتَصَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى:
أَحَدُهَا: التَّجَوُّزُ بِالسَّبَبِ عَنِ الْمُسَبَّبِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [مُحَمَّدٍ: ١٣] ، أَيْ: نُعَرِّفُهَا، تَجُوزُ بِالِابْتِلَاءِ عَنِ الْعِرْفَانِ، لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ سَبَبُهُ، إِذْ مَنِ ابْتَلَى شَيْئًا عَرَّفَهُ.
وَأَصْنَافُ السَّبَبِ أَرْبَعَةٌ: قَابِلِيٌّ، وَصُورِيٌّ، وَفَاعِلِيٌّ، وَغَائِيٌّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُتَجَوَّزُ بِهِ عَنْ مُسَبِّبِهِ.
مِثَالُ الْأَوَّلِ: - وَهُوَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ قَابِلِهِ - قَوْلُهُمْ: سَالَ الْوَادِي، وَالْأَصْلُ: سَالَ الْمَاءُ فِي الْوَادِي، لَكِنَّ الْوَادِيَ لَمَّا كَانَ سَبَبًا قَابِلًا لِسَيَلَانِ الْمَاءِ فِيهِ، صَارَ الْمَاءُ مِنْ حَيْثُ الْقَابِلِيَّةُ كَالْمُسَبِّبِ لَهُ، فَوُضِعَ لَفْظُ الْوَادِي مَوْضِعَهُ.
وَمِثَالُ الثَّانِي: - وَهُوَ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ صُورَتِهِ - قَوْلُهُمْ: هَذِهِ صُورَةُ الْأَمْرِ وَالْحَالِ، أَيْ: حَقِيقَتُهُ، وَمِثْلُهُ فِي «الْمَحْصُولِ» بِتَسْمِيَتِهِمُ الْيَدَ بِالْقُدْرَةِ، كَأَنَّهُ جَعَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute