الرَّابِعُ: الِاسْتِصْلَاحُ: وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ.
وَالْمَصْلَحَةُ: جَلْبُ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ، ثُمَّ إِنْ شَهِدَ الشَّرْعُ بِاعْتِبَارِهَا كَاقْتِبَاسِ الْحُكْمِ مِنْ مَعْقُولِ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَقِيَاسٌ، أَوْ بِبُطْلَانِهَا كَتَعَيُّنِ الصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ عَلَى الْمُوسِرِ كَالْمَلِكِ وَنَحْوِهِ، فَلَغْوٌ، إِذْ هُوَ تَغْيِيرٌ لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا بِبُطْلَانٍ وَلَا اعْتِبَارٍ مُعَيَّنٍ فَهِيَ:
إِمَّا تَحْسِينَيٌّ، كَصِيَانَةِ الْمَرْأَةِ عَنْ مُبَاشَرَةِ عَقْدِ نِكَاحِهَا الْمُشْعِرِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ بِتَوَلِّي الْوَلِيِّ ذَلِكَ.
أَوْ حَاجِيٌّ، أَيْ: فِي رُتْبَةِ الْحَاجَةِ، كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ لِحَاجَةِ تَقْيِيدِ الْكُفْءِ خِيفَةَ فَوَاتِهِ، وَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِمُجَرَّدِ هَذَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ. وَإِلَّا لَكَانَ وَضْعًا لِلشَّرْعِ بِالرَّأْيِ. وَلَاسْتَوَى الْعَالِمُ وَالْعَامِّيُّ لِمَعْرِفَةِ كُلٍّ مَصْلَحَتَهُ.
ــ
«الرَّابِعُ» : أَيْ: مِنَ الْأُصُولِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا: «الِاسْتِصْلَاحُ» ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ صَلَحَ يَصْلُحُ، «وَهُوَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ» ، فَإِنَّ الشَّرْعَ أَوِ الْمُجْتَهِدَ يَطْلُبُ صَلَاحَ الْمُكَلَّفِينَ بِاتِّبَاعِ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمُرَاعَاتِهَا.
قَوْلُهُ: «وَالْمَصْلَحَةُ جَلْبُ نَفْعٍ، أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ» .
لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الِاسْتِصْلَاحَ اتِّبَاعُ الْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ، احْتِيجَ إِلَى بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ كَمَا ذَكَرَ جَلْبُ نَفْعٍ، أَوْ دَفْعُ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ قِوَامَ الْإِنْسَانِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَفِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ بِحُصُولِ الْخَيْرِ وَانْدِفَاعِ الشَّرِّ، وَإِنْ شِئْتَ، قُلْتَ: بِحُصُولِ الْمُلَائِمِ وَانْدِفَاعِ الْمُنَافِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute