. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَمَا يُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً ".
لَمَّا ذَكَرَ الِاجْتِهَادَ مَا هُوَ، وَالنَّاقِصَ مِنْهُ وَالتَّامَّ، أَخَذَ يُبَيِّنُ الْمُجْتَهِدَ وَشُرُوطَهُ، فَالْمُجْتَهِدُ مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الِاجْتِهَادِ، وَحَصَّلَ أَهْلِيَّتَهُ، " وَشَرْطُ الْمُجْتَهِدِ إِحَاطَتُهُ بِمَدَارِكِ الْأَحْكَامِ "، أَيْ: طُرُقِهَا الَّتِي تُدْرَكُ مِنْهَا، وَيُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَيْهَا، " وَهِيَ الْأُصُولُ " الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا، وَهِيَ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَالِاسْتِدْلَالُ، وَالْأُصُولُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا، " وَمَا يُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ فِي الْجُمْلَةِ " مِنْ حَيْثُ الْكَمِّيَّةِ وَالْمِقْدَارِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ لِلْحُكْمِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْكَيْفِيَّةِ كَتَقْدِيمِ مَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ، وَتَأْخِيرِ مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ آلَةٌ لِلْمُجْتَهِدِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْحُكْمِ، فَوَجَبَ اشْتِرَاطُهُ، كَالْقَلَمِ لِلْكَاتِبِ، وَالْقَدُومِ وَنَحْوِهِ لِلنَّجَّارِ.
قَوْلُهُ: «فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ مَعْرِفَةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ مِنْهُ، وَهُوَ قَدْرُ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ» ، إِلَى آخِرِهِ.
هَذَا تَفْصِيلٌ لِلْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يُشْتَرَطُ لِلْمُجْتَهِدِ.
أَمَّا الْكِتَابُ: فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ، وَهُوَ قَدْرُ خَمْسِمِائَةِ آيَةٍ، كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَأَنَّ مِقْدَارَ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ، فَإِنَّ أَحْكَامَ الشَّرْعِ كَمَا تُسْتَنْبَطُ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي؛ كَذَلِكَ تُسْتَنْبَطُ مِنَ الْأَقَاصِيصِ وَالْمَوَاعِظِ وَنَحْوِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute