للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّادِسَةُ: يَجُوزُ نَسْخُ كُلٍّ مِنَ الْكِتَابِ وَمُتَوَاتِرِ السُّنَّةِ وَآحَادِهَا بِمِثْلِهِ، وَنَسْخُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.

لَنَا: لَا يَمْتَنِعُ لِذَاتِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَقَدْ وَقَعَ، إِذِ التَّوَجُّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَحْرِيمُ الْمُبَاشَرَةِ لَيَالِي رَمَضَانَ، وَجَوَازُ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، ثَبَتَتْ بِالسُّنَّةِ، وَنُسِخَتْ بِالْقُرْآنِ.

احْتَجَّ بِأَنَّ السُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ ; فَكَيْفَ يُبْطِلُ مُبَيِّنَهُ، وَلِأَنَّ النَّاسِخَ يُضَادُّ الْمَنْسُوخَ، وَالْقُرْآنُ لَا يُضَادُّ السُّنَّةَ، وَمَنَعَ الْوُقُوعَ الْمَذْكُورَ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّ بَعْضَ السُّنَّةِ مُبَيِّنٌ لَهُ، وَبَعْضُهَا مَنْسُوخٌ بِهِ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ «السَّادِسَةُ: يَجُوزُ نَسْخُ كُلٍّ مِنَ الْكِتَابِ، وَمُتَوَاتِرِ السُّنَّةِ، وَآحَادِهَا بِمِثْلِهِ» ، أَيْ: يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ، وَمُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ بِمُتَوَاتِرِهَا، وَآحَادُهَا بِآحَادِهَا. وَهَذَا اتِّفَاقٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَمَاثِلٌ ; فَجَازَ أَنْ يَرْفَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا.

فَإِنْ قِيلَ: الْمِثْلَانِ يَسْتَوِيَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيَسُدُّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ ارْتِفَاعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِأَنْ يَرْتَفِعَ بِالْآخَرِ مِنَ الْعَكْسِ.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ قَدْ سَبَقَ عَلَى حَدِّ النَّسْخِ، بِأَنَّهُ رَفَعَ الْحُكْمَ، وَسَبَقَ الْجَوَابُ عَنْهُ، بِأَنَّ النَّاسِخَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ رَافِعًا بِقُوَّتِهِ، بِكَوْنِهِ وَارِدًا.

قَوْلُهُ: «وَنَسْخُ السُّنَّةِ» ، أَيْ: وَيَجُوزُ نَسْخُ السُّنَّةِ «بِالْكِتَابِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ» .

قَالَ الْآمِدِيُّ: وَهُوَ جَائِزٌ عَقْلًا، وَوَاقِعٌ سَمْعًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، مَنِ الْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْفُقَهَاءِ، وَمُمْتَنِعٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>