التَّاسِعُ: الْمُعَارَضَةُ، وَهِيَ إِمَّا فِي الْأَصْلِ بِبَيَانِ وُجُودِ مُقْتَضٍ لِلْحُكْمِ فِيهِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ مُقْتَضِيًّا، بَلْ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ لَهُ، أَوْ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ، أَوْ لَهُمَا، وَهُوَ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَاتِ، إِذِ الْمَأْلُوفُ مِنْ تَصَرُّفِ الشَّارِعِ مُرَاعَاةُ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا، كَمَنْ أَعْطَى فَقِيرًا قَرِيبًا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إِعْطَاؤُهُ لِلسَّبَبَيْنِ؛ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَدِلَّ حَذْفُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ فِي دَلِيلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ، وَرَدَ مُعَارَضَةً، وَيَكْفِي الْمُعْتَرِضَ فِي تَقْرِيرِهَا بَيَانُ تَعَارُضِ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَكْفِي الْمُسْتَدِلَّ فِي دَفْعِهَا إِلَّا بَيَانُ اسْتِقْلَالِ مَا ذَكَرَهُ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ، إِمَّا بِثُبُوتِ عِلِّيَّةِ مَا ذَكَرَهُ بِنَصٍّ أَوْ إِيمَاءٍ، وَنَحْوِهِ مِنَ الطُّرُقِ الْمُتَقَدِّمَةِ، أَوْ بِبَيَانِ إِلْغَاءِ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْتَرِضُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَإِلْغَاءِ الذُّكُورِيَّةِ فِي جِنْسِ أَحْكَامِ الْعِتْقِ، أَوْ بِأَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ ثَبَتَ بِدُونِ مَا ذَكَرَهُ، فَيَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ عِلَّةِ الْمُسْتَدِلِّ.
ــ
السُّؤَالُ «التَّاسِعُ: الْمُعَارَضَةُ» .
اعْلَمْ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ: عَرَضَ لَهُ يَعْرِضُ: إِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ عَارَضَهُ فِي طَرِيقِهِ لِيَمْنَعَهُ النُّفُوذَ فِيهِ، فَكَأَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيِ الْمُسْتَدِلِّ، أَوْ يُوقِفُ حُجَّتَهُ بَيْنَ يَدَيْ دَلِيلِهِ، لِيَمْنَعَهُ مِنَ النُّفُوذِ فِي إِثْبَاتِ الدَّعْوَى.
قَوْلُهُ: «وَهِيَ إِمَّا فِي الْأَصْلِ» . يَعْنِي أَنَّ الْمُعَارَضَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ.
وَالثَّانِي: الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ.
قَوْلُهُ: «بِبَيَانِ وُجُودِ مُقْتَضٍ لِلْحُكْمِ فِيهِ، فَلَا يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَدِلُّ مُقْتَضِيًا» ، إِلَى آخِرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute