. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لَنَا: أَنَّهُ مَقْدُورٌ، وَكُلُّ مَقْدُورٍ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ. أَمَّا أَنَّهُ مَقْدُورٌ فَبِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ مَقْدُورٍ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ، فَلِأَنَّهُ يَصِحُّ إِيجَادُهُ، وَالتَّكْلِيفُ إِنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ بِإِيجَادِ الْفِعْلِ.
قُلْتُ: هَذَا الْمَقَامُ فِيهِ تَحْقِيقٌ، وَذَلِكَ أَنَّا إِذَا فَسَّرْنَا حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ زَمَنِ وُجُودِهِ، صَحَّ التَّكْلِيفُ بِهِ وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ تَكْلِيفًا بِإِتْمَامِهِ وَإِيجَادَ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِحَالِ حُدُوثِهِ زَمَنُ وُجُودِهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا، بَلْ يَصِحُّ فِي أَوَّلِ زَمَنِ وُجُودِهِ أَنْ يُكَلَّفَ بِإِتْمَامِهِ، كَمَا سَبَقَ فِي التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ آخِرِ زَمَنِ وُجُودِهِ يَكُونُ قَدْ وُجِدَ وَانْقَضَى، فَيَصِيرُ مِنْ بَابِ إِيجَادِ الْمَوْجُودِ.
وَهَذَا الْبَحْثُ يَنْزِعُ إِلَى مَسْأَلَةِ الْحَرَكَةِ وَأَنَّهَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَوَّلًا، وَمَوْضِعُ ذَلِكَ غَيْرُ هَاهُنَا.
وَكَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ، لِأَنَّ مَنْ أَجَازَ التَّكْلِيفَ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ زَمَنِ الْحُدُوثِ، وَمَنْ مَنَعَهُ عَلَّقَهُ بِآخِرِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: «وَأَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا» أَيْ: وَمِنْ شُرُوطِ الْمُكَلَّفِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا «إِذِ الْمُكَلَّفُ بِهِ مُسْتَدْعًى حُصُولُهُ» إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: يُشْتَرَطُ إِمْكَانُ الْفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ، لِأَنَّ حُصُولَهُ مُسْتَدْعًى، أَيْ: مَطْلُوبٌ لِلشَّرْعِ، وَكُلُّ مَا كَانَ مَطْلُوبَ الْحُصُولِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرَ الْوُقُوعِ، فَالْمُكَلَّفُ بِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَصَوَّرَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ مُمْكِنًا، لَكِنَّ الْمُحَالَ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، وَمَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، لَا يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute