للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِثْمَ مَا غَشَّهُ بِهِ فِي دِينِهِ، وَكَتَمَهُ عَنْهُ مِنْ عِلْمِهِ» ، أَيْ: يَجْعَلُهُ طَوْقًا فِي عُنُقِهِ «أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ» - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الْإِسْرَاءِ: ١٣] «عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ» يَعْنِي مِنَ التَّقْلِيدِ اللُّغَوِيِّ كَمَا سَبَقَ.

قَوْلُهُ: «وَلَيْسَ قَبُولُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْلِيدًا إِذْ هُوَ - يَعْنِي قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ» .

قُلْتُ: قَالَ الْآمِدِيُّ: التَّقْلِيدُ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ مُلْزِمَةٍ، كَأَخْذِ الْعَامِّيِّ بِقَوْلِ مِثْلِهِ، وَالْمُجْتَهِدِ بِقَوْلِ مِثْلِهِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، بِخِلَافِ اتِّبَاعِ قَوْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِ الْأُمَّةِ - يَعْنِي فِي الْإِجْمَاعِ - وَالْعَامِّيِّ لِلْمُفْتِي لِعَدَمِ عُرُوِّهِ عَنِ الْحُجَّةِ الْمُلْزِمَةِ بِهِ.

قُلْتُ: هَذَا مِنْهُ عَلَى جِهَةِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُوَ تَقْلِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ.

وَالتَّحْقِيقُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنْ أُرِيدَ بِالْحُجَّةِ مَا أَفَادَ مَدْلُولَهُ بِذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، فَهَذَا كُلُّهُ تَقْلِيدٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا أَفَادَ مَدْلُولَهُ مُطْلَقًا، فَلَيْسَ ذَلِكَ تَقْلِيدٌ، لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفِيدُ مَدْلُولَهُ بِوَاسِطَةِ تَصْدِيقِ الْمُعْجِزِ لَهُ، وَالْإِجْمَاعُ يُفِيدُ مَدْلُولَهُ بِوَاسِطَةِ شَهَادَةِ الصَّادِقِ لَهُ بِالْعِصْمَةِ، وَقَوْلُ الْمُفْتِي يُفِيدُ مَدْلُولَهُ بِوَاسِطَةِ الْإِجْمَاعِ الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ قَبُولِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَامِّيِّ.

قَوْلُهُ: «وَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي الْفُرُوعِ إِجْمَاعًا» ، أَيْ: بِالْإِجْمَاعِ، «خِلَافًا لِبَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ» مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ.

«لَنَا» عَلَى جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: «الْإِجْمَاعُ» مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَغَيْرِهِمْ -

<<  <  ج: ص:  >  >>