للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ ادُّعِيَ الْإِجْمَالُ فِي أُمُورٍ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ. مِنْهَا نَحْوُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [الْمَائِدَةِ: ٣] ، أَيْ: أَكْلُهَا، وَأُمَّهَاتُكُمْ [النِّسَاءِ: ٢٣] ، أَيْ: وَطْؤُهُنَّ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالْكَرْخِيِّ.

لَنَا: الْحُكْمُ، الْمُضَافُ إِلَى الْعَيْنِ يَنْصَرِفُ لُغَةً وَعُرْفًا إِلَى مَا أُعِدَّتْ لَهُ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ.

قَالُوا: الْمُحَرَّمُ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ، لَا نَفْسِهَا، وَالْأَفْعَالُ مُتَسَاوِيَةٌ.

قُلْنَا: مَمْنُوعٌ، بَلِ التَّرْجِيحُ عُرْفِيٌّ كَمَا ذُكِرَ، وَكَذَا {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٧٥] ، مُجْمَلٌ عِنْدِ الْقَاضِي لِتَرَدُّدِ الرِّبَا بَيْنَ مُسَمَّيَيْهِ، اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَقَدِ ادُّعِيَ الْإِجْمَالُ فِي أُمُورٍ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ» .

أَيِ: ادَّعَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ، وَلَيْسَتْ مُجْمَلَةً.

«مِنْهَا» ، أَيْ: مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الَّتِي ادُّعِيَ الْإِجْمَالُ فِيهَا وَلَيْسَتْ مُجْمَلَةً، إِضَافَةُ الْأَحْكَامِ إِلَى الْأَعْيَانِ، نَحْوُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [الْمَائِدَةِ: ٣] ، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النِّسَاءِ: ٢٣] ، وَ {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [الْمَائِدَةِ: ٤] ، لَا إِجْمَالَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ: حَرُمَ عَلَيْكُمْ أَكْلُ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءُ الْأُمَّهَاتِ. وَأُحِلَّ لَكُمْ أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَالْجُبَّائِيِّ وَابْنِهِ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ، خِلَافًا لِلْقَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَالْكَرْخِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>