للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنِ اتَّحَدَا حُكْمًا لَا سَبَبًا، كَرَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَرَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي الظِّهَارِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَالْمَالِكِيَّةِ. وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَخَالَفَ بَعْضُهُمْ وَأَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقْلَا.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِنْ عَضَدَهُ قِيَاسٌ، حُمِلَ عَلَيْهِ كَتَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْقِيَاسِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى.

النَّافِي: لَعَلَّ إِطْلَاقَ الشَّارِعِ وَتَقْيِيدَهُ لِتَفَاوُتِ الْحُكْمَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ عِنْدَهُ ; فَتَسْوِيَتُنَا بَيْنَهُمَا عَكْسُ مَقْصُودِهِ.

الْمُثْبِتُ: عَادَةُ الْعَرَبِ الْإِطْلَاقُ فِي مَوْضِعٍ وَالتَّقْيِيدُ فِي آخَرَ.

وَقَدْ عُلِمَ مِنَ الشَّرْعِ بِنَاءُ قَوَاعِدِهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَبْيِينِ الْمُجْمَلِ ; فَكَذَا هَاهُنَا.

وَلِأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٢] ، بِـ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطَّلَاقِ: ٢] ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ ; فَلَا حَمْلَ، كَتَقْيِيدِ الصَّوْمِ بِالتَّتَابُعِ، وَإِطْلَاقِ الْإِطْعَامِ، إِذْ شَرْطُ الْإِلْحَاقِ اتِّحَادُهُ. وَمَتَى اجْتَمَعَ مُطْلَقٌ، وَمُقَيَّدَانِ مُتَضَادَّانِ، حُمِلَ عَلَى أَشْبَهِهِمَا بِهِ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَإِنْ اتَّحَدَا حُكْمًا لَا سَبَبًا» ، هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، وَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ سَبَبُهُمَا وَيَتَّحِدَ حُكْمُهُمَا، كَعِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَعِتْقِ رَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، كَمَا وَرَدَ فِي الْآيَتَيْنِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النِّسَاءِ: ٩٢] ، {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [الْمُجَادَلَةِ: ٣] ، فَسَبَبُهُمَا مُخْتَلِفٌ وَهُوَ الظِّهَارُ وَالْقَتْلُ، وَحُكْمُهُمَا مُتَّحِدٌ، وَهُوَ عِتْقُ الرَّقَبَةِ ; فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ، أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>