. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْقَوْمُ، بِخِلَافِ دَلِيلِ الْعَقْلِ ; فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَاتَ الْبَارِئِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ قَبْلَ دَلِيلِ السَّمْعِ وَبَعْدَهُ، وَالْمُسْتَعْمِلُ لَهُ يُعَدُّ مُسْتَدِلًّا فِي الْحَالَيْنِ. وَأَمَّا امْتِنَاعُ النَّسْخِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ ; فَلِأَنَّ النَّسْخَ إِمَّا رَفْعُ الْحُكْمِ، أَوْ بَيَانُ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ، وَلَا قُوَّةَ لِلْعَقْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الشَّرْعِ، بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ ; فَإِنَّهُ بَيَانٌ، وَالْعَقْلُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُبَيِّنًا لِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِلَفْظِهِ.
وَأَمَّا عَنِ الثَّانِي. فَبِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْصِيصِ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ تَنَاوُلُ الْعَامِّ لَهُ.
قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَرِدِ الْمُخَصِّصُ. وَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى عُمُومِهِ.
قُلْنَا: هَذَا مَحَلُّ النِّزَاعِ، بَلْ إِنَّمَا يَجِبُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَا يَصِحُّ تَنَاوُلُهُ لَهُ. أَمَّا مَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ عَقْلًا ; فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ النَّافِي لِلصِّحَّةِ، وَعُدْنَا إِلَى رَأْسِ الْمَسْأَلَةِ.
ثُمَّ قَوْلُهُ: مَا لَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ عَقْلًا لَا يَصِحُّ تَنَاوُلُ اللَّفْظِ لَهُ لُغَةً.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ إِرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ الْمَعْصُومِ لَهُ. وَحِينَئِذٍ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّ مَا لَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ عَقْلًا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ لُغَةً، وَيُبَيِّنُ الْعَقْلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْمُتَكَلِّمِ الْمَعْصُومِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا هَذَا بِالْمُتَكَلِّمِ الْمَعْصُومِ ; لِأَنَّ غَيْرَ الْمَعْصُومِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يُرِيدَ بِلَفْظِ الْعَامِّ مَا لَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ، لَكِنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا مِنَ الْكَذِبِ، وَبَابُ الْكَذِبِ مَفْتُوحٌ لِمَنْ أَرَادَهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: مِنْ مُخَصِّصَاتِ «الْعُمُومِ الْإِجْمَاعُ، لِقَطْعِيَّتِهِ، وَاحْتِمَالِ الْعَامِّ» ، أَيْ: لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَاطِعٌ شَرْعِيٌّ، وَالْعَامُّ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute