للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، أَوْ عَلَى نَدْبٍ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [النِّسَاءِ: ١٠٣] ، فَإِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنْدُوبٌ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ; فَذَلِكَ دَلِيلٌ آخَرُ.

- قَوْلُهُ: " وَفِي اقْتِضَاءِ النَّهْيِ بَعْدَ الْأَمْرِ، التَّحْرِيمُ أَوِ الْكَرَاهَةُ، خِلَافٌ ". هَذِهِ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا ; لِأَنَّ تِلْكَ فِي وُرُودِ صِيغَةِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ، وَهَذِهِ فِي وُرُودِ النَّهْيِ بَعْدَ الْأَمْرِ، كَمَا إِذَا قَالَ: صَلِّ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُصَلِّ، هَلْ يَقْتَضِي التَّحْرِيمُ عَمَلًا بِمُقْتَضَى النَّهْيِ، أَوِ الْكَرَاهَةِ، كَمَا اقْتَضَى الْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ الْإِبَاحَةَ؟ فِيهِ خِلَافٌ.

قَوْلُهُ: " وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا "، أَيْ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُفَصَّلَ هُنَا، كَمَا فُصِّلَ فِي الْأَمْرِ الْوَارِدِ بَعْدَ الْحَظْرِ ; فَيُقَالُ هَاهُنَا: إِنَّ النَّهْيَ بَعْدَ الْأَمْرِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ عُرْفًا، وَالتَّحْرِيمَ لُغَةً، كَمَا قُلْنَا هُنَاكَ: إِنَّ الْأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ عُرْفًا وَالْوُجُوبَ لُغَةً ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَظْرَ هُنَاكَ لَمَّا كَانَ قَرِينَةً فِي حَمْلِ الْأَمْرِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَذَلِكَ الْأَمْرُ هُنَا قَرِينَةٌ فِي حَمْلِ النَّهْيِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ.

- قَوْلُهُ: " وَالْأَشْبَهُ التَّحْرِيمُ " إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: الْأَشْبَهُ فِي النَّظَرِ، أَنَّ النَّهْيَ بَعْدَ الْأَمْرِ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، بِخِلَافِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ، حَيْثُ لَمْ يَقْتَضِ الْوُجُوبَ عُرْفًا.

وَتَقْرِيرُ الْفَرْقِ: أَنَّهُ مَثَلًا إِذَا قَالَ لَهُ: صُمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا تَصُمْ ; فَقَدْ رَفَعَ بِهَذَا النَّهْيِ الْإِذْنَ لَهُ أَوَّلًا فِي الصَّوْمِ بِكُلِّيَّتِهِ. وَإِذَا قَالَ لَهُ: لَا تَصِدْ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: صِدْ ; فَهَاهُنَا لَمْ يَرْفَعِ الْإِذْنَ فِي الصَّيْدِ بِكُلِّيَّتِهِ، بَلْ رَفَعَ الْمَنْعَ مِنْهُ ; فَبَقِيَ الْإِذْنُ فِيهِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>