للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسَةُ: فِيهِ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ، وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِمَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ: إِنَّ الْمُحْكَمُ الْمُتَّضِحُ الْمَعْنَى، وَالْمُتَشَابِهَ مُقَابِلُهُ، لِاشْتِرَاكٍ، أَوْ إِجْمَالٍ، أَوْ ظُهُورِ تَشْبِيهٍ. وَالْأَظْهَرُ الْوَقْفُ عَلَى إِلَّا اللَّهُ، لَا {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} ، خِلَافًا لِقَوْمٍ.

قَالُوا: الْخِطَابُ بِمَا لَا يُفْهَمُ بَعِيدٌ. قُلْنَا: لَا بُعْدَ فِي تَعَبُّدِ الْمُكَلَّفِ بِالْعَمَلِ بِبَعْضِ الْكِتَابِ، وَالْإِيمَانِ بِبَعْضٍ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا مُسْتَقْصًى فِي كِتَابِ «بُغْيَةِ السَّائِلِ» .

ــ

الْمَسْأَلَةُ «الْخَامِسَةُ فِيهِ» : أَيْ: فِي الْقُرْآنِ، «الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِمَا» ، أَيْ: فِي الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ «أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ» .

قُلْتُ: سَأَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا آخِرَ الْمَسْأَلَةِ، وَيَنْبَغِي الْكَلَامُ فِي لَفْظِ الْمُحْكَمِ وَالْمُتَشَابِهِ وَمَعْنَاهُ.

أَمَّا لَفْظُهُ: فَالْمُحْكَمُ: مُفْعَلٌ مِنْ أَحْكَمْتُ الشَّيْءَ أُحْكِمُهُ إِحْكَامًا ; فَهُوَ مُحْكَمٌ: إِذَا أَتْقَنْتُهُ ; فَكَانَ عَلَى غَايَةِ مَا يَنْبَغِي مِنَ الْحِكْمَةِ. وَمِنْهُ بَنَّاءٌ مُحْكَمٌ، أَيْ: ثَابِتٌ مُتْقَنٌ، يَبْعُدُ انْهِدَامُهُ.

وَالْمُتَشَابِهُ: مُتَفَاعِلٌ مِنَ الشِّبْهِ، وَالشَّبَهِ، وَالشَّبِيهِ، وَهُوَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَمْرٌ مُشْتَرِكٌ ; فَيَشْتَبِهُ وَيَلْتَبِسُ بِهِ.

وَأَمَّا مَعْنَاهُ: فَأَجْوَدُ مَا قِيلَ فِيهِ: إِنَّ الْمُحْكَمَ الْمُتَّضِحُ الْمَعْنَى، كَالنُّصُوصِ وَالظَّوَاهِرِ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْبَيَانِ فِي غَايَةِ الْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ.

وَ «الْمُتَشَابِهَ مُقَابِلُهُ» : أَيْ: مُقَابِلُ الْمُحَكِّمِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَّضِحِ الْمَعْنَى ; فَتَشْتَبِهُ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>