للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةُ: الْعِلْمُ التَّوَاتُرِيُّ ضَرُورِيٌّ عِنْدَ الْقَاضِي، نَظَرِيٌّ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَوَافَقَ كُلًّا آخَرُونَ.

الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا، لَمَا حَصَلَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَلِأَنَّ الضَّرُورِيَّ مَا اضْطُرَّ الْعَقْلُ إِلَى التَّصْدِيقِ بِهِ، وَهَذَا كَذَلِكَ.

الثَّانِي: لَوْ كَانَ ضَرُورِيًّا، لَمَا افْتَقَرَ إِلَى النَّظَرِ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَهِيَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَعَدَمُ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ.

وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ، إِذْ مُرَادُ الْأَوَّلِ بِالضَّرُورِيِّ: مَا اضْطُرَّ الْعَقْلُ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَالثَّانِي: الْبَدِيهِيُّ: الْكَافِي فِي حُصُولِ الْجَزْمِ بِهِ تَصَوُّرُ طَرَفَيْهِ، وَالضَّرُورِيُّ مُنْقَسِمٌ إِلَيْهِمَا ; فَدَعْوَى كُلٍّ، غَيْرُ دَعْوَى الْآخَرِ، وَالْجَزْمُ بِهِ حَاصِلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ «الثَّانِيَةُ: الْعِلْمُ التَّوَاتُرِيُّ» أَيْ: الْحَاصِلُ عَنْ خَبَرِ التَّوَاتُرِ، «ضَرُورِيٌّ عِنْدَ الْقَاضِي» أَبِي يَعْلَى «نَظَرِيٌّ» ، أَيْ: يَحْصُلُ بِالنَّظَرِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَوَافَقَ كُلًّا آخَرُونَ، أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ آخَرُونَ، أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

أَمَّا الْقَاضِي ; فَوَافَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ فَوَافَقَهُ الْكَعْبِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَالدَّقَّاقُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ الْوَقْفَ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ الضَّعِيفَةِ عِنْدَهُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.

قَوْلُهُ: «الْأَوَّلُ» أَيِ: احْتَجَّ الْأَوَّلُ - وَهُوَ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ - بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعِلْمَ التَّوَاتُرِيَّ «لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا، لَمَا حَصَلَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» ، وَالْحَمْقَى، وَنَحْوِهِمْ. لَكِنَّهُ حَاصِلٌ لِهَؤُلَاءِ ; فَلَا يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>