للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّامِنُ: الْقَلْبُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ نَقِيضِ حُكْمِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى عِلَّتِهِ بِعَيْنِهَا، ثُمَّ الْمُعْتَرِضُ تَارَةً يُصَحِّحُ مَذْهَبَهُ، كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ: الِاعْتِكَافُ لُبْثٌ مَحْضٌ، فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِهِ قُرْبَةً كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: لُبْثٌ مَحْضٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ الصَّوْمُ فِي كَوْنِهِ قُرْبَةً، كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَتَارَةً يُبْطِلُ مَذْهَبَ خَصْمِهِ، كَقَوْلِ الْحَنَفِيِّ: الرَّأْسُ مَمْسُوحٌ، فَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ بِالْمَسْحِ كَالْخُفِّ؛ فَيَقُولُ الْمُعْتَرِضُ: مَمْسُوحٌ، فَلَا يُقَدَّرُ بِالرُّبُعِ كَالْخُفِّ، وَكَقَوْلِهِ: بَيْعُ الْغَائِبِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَيَنْعَقِدُ مَعَ جَهْلِ الْمُعَوَّضِ كَالنِّكَاحِ، فَيَقُولُ خَصْمُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَالنِّكَاحِ، فَيَبْطُلُ مَذْهَبُ الْمُسْتَدِلِّ لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْقَلْبُ مُعَارَضَةٌ خَاصَّةٌ فَجَوَابُهُ جَوَابُهَا إِلَّا بِمَنْعِ وَصْفِ الْحُكْمِ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ فِي اسْتِدْلَالِهِ فَكَيْفَ يَمْنَعُهُ.

ــ

السُّؤَالُ «الثَّامِنُ: الْقَلْبُ، وَهُوَ تَعْلِيقُ نَقِيضِ حُكْمِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى عِلَّتِهِ بِعَيْنِهَا» .

مَعْنَى الْقَلْبِ: أَنَّ الْمُعْتَرِضَ يَقْلِبُ دَلِيلَ الْمُسْتَدِلِّ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَا لَهُ، أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ؛ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَمْثِلَتَهُ بَعْدُ، وَسَيَأْتِي لَهُ تَفْصِيلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْمُعْتَرِضُ تَارَةً يُصَحِّحُ مَذْهَبَهُ» إِلَى آخِرِهِ.

أَيْ أَنَّ الْمُعْتَرِضَ تَارَةً يَكُونُ مَقْصُودُهُ بِقَلْبِ الدَّلِيلِ تَصْحِيحَ مَذْهَبِ نَفْسِهِ، وَإِبْطَالَ مَذْهَبِ الْمُسْتَدِلِّ، وَتَارَةً يَتَعَرَّضُ فِيهِ لِبُطْلَانِ مَذْهَبِ خَصْمِهِ دُونَ تَصْحِيحِ مَذْهَبِ نَفْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>