الثَّالِثَةُ: يُعْتَبَرُ لِلرَّاوِي الْمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ شُرُوطٌ.
فَالْأَوَّلُ: الْإِسْلَامُ، لِاتِّهَامِ الْكَافِرِ فِي الدِّينِ. وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي الْكَافِرِ أَوِ الْفَاسِقِ الْمُتَأَوِّلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً، يَحْتَمِلُ الْخِلَافَ، إِذْ أَجَازَ نَقْلَ الْحَدِيثِ عَنِ الْمُرْجِئَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ، وَاسْتَعْظَمَ الرِّوَايَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْعَوْفِيِّ لِجَهْمِيَّتِهِ. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ قَبُولَهَا مِنَ الْفَاسِقِ الْمُتَأَوِّلِ؛ لِحُصُولِ الْوَازِعِ لَهُ عَنِ الْكَذِبِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
ب: الْعَدَالَةُ، لِعَدَمِ الْوَازِعِ لِلْفَاسِقِ الْمُعَانِدِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} .
ج: التَّكْلِيفُ، إِذْ لَا وَازِعَ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا عِبَادَةَ لَهُمَا، فَإِنْ سَمِعَ صَغِيرًا، وَرَوَى بَالِغًا، قُبِلَ: كَالشَّهَادَةِ، وَصِبْيَانِ الصَّحَابَةِ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى إِحْضَارِهِ مَجَالِسَ السَّمَاعِ، وَلَا فَائِدَةَ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ.
د: الضَّبْطُ حَالَةَ السَّمَاعِ، إِذْ لَا وُثُوقَ بِقَوْلِ مَنْ لَا ضَبْطَ لَهُ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الثَّالِثَةُ: يُعْتَبَرُ لِلرَّاوِي الْمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ شُرُوطٌ» ، لَمَّا بَيَّنَ جَوَازَ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَقْلًا وَسَمْعًا؛ وَجَبَ النَّظَرُ فِي شُرُوطِ الْوَاحِدِ الَّذِي يُقْبَلُ خَبَرُهُ:
فَالْأَوَّلُ: الْإِسْلَامُ، أَيْ: يَكُونُ الرَّاوِي مُسْلِمًا لِأَنَّ الْكَافِرَ مُتَّهَمٌ فِي الدِّينِ؛ فَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ فِي خَبَرٍ دِينِيٍّ، كَالرِّوَايَةِ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِمَحَارِيبِ الْكُفَّارِ، وَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَطَهَارَةِ مَوْضِعِهَا، وَطَهَارَةِ الْمَاءِ، وَوَقْتِ السُّحُورِ وَالْإِفْطَارِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الْمُمْتَحِنَةِ: ١٣] ، وَ {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الْمُمْتَحِنَةِ: ١] ، أَيْ: لَا تَتَوَلَّوْهُمْ فِي الدِّينِ، وَهَذِهِ الْفُرُوعُ مِنَ الدِّينِ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ، أَيْ: لَا تَأْخُذُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute