ثُمَّ هَهُنَا مَسَائِلٌ:
الْأُولَى: يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْغَائِبِ عَنْهُ، وَلِلْحَاضِرِ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَنَعَهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا.
وَقِيلَ: فِي الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ.
لَنَا: حَدِيثُ مُعَاذٍ، وَحُكْمُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِاجْتِهَادٍ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَذِنَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَلِرَجُلَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا مُحَالَ فِيهِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ.
قَالُوا: كَيْفَ يَعْمَلُ بِالظَّنِّ مَعَ إِمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَحْيِ.
قُلْنَا: لَعَلَّهُ لِمَصْلَحَةٍ، ثُمَّ قَدْ تُعُبِّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُكْمِ بِالشُّهُودِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعَ إِمْكَانِ الْوَحْيِ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ بِالْحَقِّ الْجَازِمِ فِيهَا.
ــ
«ثُمَّ هَهُنَا مَسَائِلُ» ، يَعْنِي مَا سَبَقَ مِنَ الْكَلَامِ فِي الِاجْتِهَادِ، هُوَ كَالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ لَهُ، ثُمَّ فِيهِ مَسَائِلُ كَالْجُزْئِيَّاتِ:
الْمَسْأَلَةُ «الْأُولَى: يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِالِاجْتِهَادِ» مِنْ قِيَاسٍ وَغَيْرِهِ، «فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْغَائِبِ عَنْهُ» . أَمَّا «الْحَاضِرُ» ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ «بِإِذْنِهِ» عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا بِدُونِ إِذْنِهِ، فَأَجَازَهُ «أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَنَعَهُ» ، أَيْ: وَمَنَعَ الِاجْتِهَادَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَوْمٌ مُطْلَقًا» ، يَعْنِي لِلْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ، بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: يَمْتَنِعُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ الْغَائِبِ عَنْهُ، فَالْمَذَاهِبُ إِذَنْ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَرَابِعُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي «الْمُخْتَصَرِ» الْوَقْفُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute