للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسَةُ:

يَجُوزُ نَسْخُ الْعِبَادَةِ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ، خِلَافًا لِقَوْمٍ. لَنَا: الرَّفْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَلَ، وَلَا يَمْتَنِعُ رَدُّ الْمُكَلَّفِ إِلَى مَا قَبْلَ الشَّرْعِ، ثُمَّ تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ أَمَامَ النَّجْوَى وَغَيْرُهُ نُسِخَ لَا إِلَى بَدَلٍ. قَالُوا: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} يَقْتَضِيهِ. قُلْنَا: لَفْظًا لَا حُكْمًا، أَوْ نَأْتِ مِنْهَا بِخَيْرٍ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ.

وَنَسْخُ الْحُكْمِ بِأَخَفَّ مِنْهُ إِجْمَاعًا.

وَبِمِثْلِهِ، لَا يُقَالُ: هُوَ عَبَثٌ. لِأَنَّا نَقُولُ: فَائِدَتُهُ امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ بِانْتِقَالِهِ مِنْ حُكْمٍ إِلَى حُكْمٍ.

وَبِأَثْقَلَ مِنْهُ، خِلَافًا لِبَعْضِ الظَّاهِرِيَّةِ. لَنَا: لَا يَمْتَنِعُ لِذَاتِهِ، وَلَا لِتَضَمُّنِهِ مَفْسَدَةً، وَقَدْ نُسِخَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْفِدْيَةِ وَالصِّيَامِ إِلَى تَعْيِينِهِ، وَجَوَازُ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى وُجُوبِهَا فِيهِ، وَتَرْكُ الْقِتَالِ إِلَى وُجُوبِهِ، وَإِبَاحَةُ الْخَمْرِ، وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَالْمُتْعَةِ إِلَى تَحْرِيمِهَا. قَالُوا: تَشْدِيدٌ ; فَلَا يَلِيقُ بِرَأْفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} ، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} ، {أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} . قُلْنَا: مَنْقُوضٌ بِتَسْلِيطِهِ الْمَرَضَ وَالْفَقْرَ وَأَنْوَاعَ الْآلَامِ وَالْمُؤْذِيَاتِ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَصَالِحَ عَلِمَهَا. قُلْنَا: فَقَدْ أَجَبْتُمْ عَنَّا، وَالْآيَاتُ وَرَدَتْ فِي صُوَرٍ خَاصَّةٍ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ «الْخَامِسَةُ: يَجُوزُ نَسْخُ الْعِبَادَةِ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ» عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، «خِلَافًا لِقَوْمٍ» ، وَهُمُ الْأَقَلُّونَ.

«لَنَا: الرَّفْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَلَ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلُ الْجَوَازِ، وَهُوَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ الْحُكْمِ، وَالرَّفْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبَدَلَ، بَلْ يُمْكِنُ وُجُودُهُ بِدُونِ بَدَلٍ، وَاعْتُبِرْ ذَلِكَ بِالْمَحْسُوسَاتِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ رَفْعِ الْحَجَرِ مِنْ مَكَانِهِ أَنَّهُ يَضَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>