. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَمَّا أَنَّ الْمُحَالَ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، فَلِمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا أَنَّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، لَا يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ، فَلِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْحُصُولِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِفَائِدَةٍ، وَحُصُولُ الْفَائِدَةِ مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، لَا يُعْقَلُ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُحَالَ لَا يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ، فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ لِعَدَمِ فَائِدَةِ التَّكْلِيفِ بِهِ.
قَوْلُهُ: «هَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ» أَيْ: هَذَا تَقْرِيرُ اشْتِرَاطِ إِمْكَانِ الْفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، وَفِيهِ مِنْ حَيْثُ التَّفْصِيلِ كَلَامٌ أَبْسَطُ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذَا الشَّرْطِ، هُوَ الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا تَكْلِيفُ الْمُحَالِ.
وَطَرِيقُ التَّفْصِيلِ فِيهَا أَنَّ الْمُحَالَ ضَرْبَانِ: " مُحَالٌ لِنَفْسِهِ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ " كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، " وَلِغَيْرِهِ " أَيِ: الضَّرْبُ الثَّانِي " مُحَالٌ لِغَيْرِهِ " كَإِيمَانِ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، كَفِرْعَوْنَ وَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْكُفَّارِ، إِيمَانُهُمْ مُمْتَنِعٌ لَا لِذَاتِهِ، أَيْ: لَا لِكَوْنِهِ إِيمَانًا، إِذْ لَوِ امْتَنَعَ إِيمَانُهُمْ لِكَوْنِهِ إِيمَانًا، لَمَا وُجِدَ الْإِيمَانُ مِنْ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إِيمَانُهُمْ لِغَيْرِهِ، أَيْ: لِعِلَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْهُ، وَهُوَ تَعَلُّقُ عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِرَادَتِهِ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وَخِلَافُ مَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِرَادَاتِهِ مُحَالٌ لِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، فَإِنَّهُ مُحَالٌ لِذَاتِهِ، أَيْ: لِكَوْنِهِ جَمْعًا بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، فَعِلَّةُ امْتِنَاعِهِ ذَاتُهُ، لَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهُ، فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute