الْفَصْلُ الثَّالِثُ
فِي أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ
وَهِيَ خَمْسَةٌ كَمَا سَيَأْتِي قِسْمَتُهَا. وَالْحُكْمُ، قِيلَ: خِطَابُ الشَّرْعِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ. وَقِيلَ: أَوِ الْوَضْعِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مُقْتَضَى خِطَابِ الشَّرْعِ، فَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ: الْخِطَابُ قَدِيمٌ، فَكَيْفَ يُعَلَّلُ بِالْعِلَلِ الْحَادِثَةِ؟ وَأَيْضًا فَإِنَّ نَظْمَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} لَيْسَ هُوَ الْحُكْمُ قَطْعًا، بَلْ مُقْتَضَاهُ، وَهُوَ وُجُوبُ الصَّلَاةِ، وَتَحْرِيمُ الزِّنَى عِنْدَ اسْتِدْعَاءِ الشَّرْعِ مِنَّا تَنْجِيزُ التَّكْلِيفِ.
ــ
أَحْكَامُ التَّكْلِيفِ
قَوْلُهُ: «الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ، كَمَا سَيَأْتِي قِسْمَتُهَا» .
الْأَحْكَامُ: جَمْعُ حُكْمٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحُكْمُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: حَكَمَ بَيْنَهُمْ يَحْكُمُ حُكْمًا، إِذَا قَضَى. قُلْتُ: وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ، وَإِلَيْهِ تَرْجِعُ تَرَاكِيبُ مَادَّةِ «ح ك م» ، أَوْ أَكْثَرُهَا، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: حَكَّمْتُ الرَّجُلَ تَحْكِيمًا، إِذَا مَنَعْتَهُ مِمَّا أَرَادَ، وَحَكَمْتُ السَّفِيهَ - بِالتَّخْفِيفِ - وَأَحْكَمْتُهُ، إِذَا أَخَذْتَ عَلَى يَدِهِ.
أَنْشَدَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ لِجَرِيرٍ:
أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ ... إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ أَنْ أَغْضَبَا
وَسُمِّي الْقَاضِي حَاكِمًا، لِمَنْعِهِ الْخُصُومَ مِنَ التَّظَالُمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute