خَاتِمَةٌ
لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ وَلَا قِيَاسِيٍّ، بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ، أَوِ الْمَشُوبِ بِاسْتِدْلَالٍ عَقْلِيٍّ، كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ، أَوْ بِنَقْلِ الرَّاوِي، نَحْوَ: «رُخِّصَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ، ثُمَّ نُهِينَا عَنْهَا» . أَوْ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، نَحْوَ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ; فَزُورُوهَا» . وَبِالتَّارِيخِ، نَحْوَ: قَالَ سَنَةَ خَمْسٍ كَذَا، وَعَامَ الْفَتْحِ كَذَا. أَوْ يَكُونُ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَاتَ قَبْلَ إِسْلَامِ الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ تَلْحَقُهُمَا أَحْكَامٌ لَفْظِيَّةٌ وَمَعْنَوِيَّةٌ، كَالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ وَنَحْوِهَا، عَقَّبْنَاهُمَا بِذِكْرِهَا.
ــ
خَاتِمَةٌ، يَعْنِي لِبَابِ النَّسْخِ، وَهِيَ فِيمَا يُعْرَفُ بِهِ النَّسْخُ:
«لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِدَلِيلٍ عَقْلِيٍّ، وَلَا قِيَاسِيٍّ» ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّسْخَ إِمَّا رَفْعُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ بَيَانُ مُدَّةِ انْتِهَائِهِ، وَكِلَاهُمَا لَا طَرِيقَ لِلْعَقْلِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ. وَلَوْ كَانَ لِلْعَقْلِ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسْخِ بِدُونِ النَّقْلِ ; لَكَانَ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِدُونِ النَّقْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: «بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ» ، أَيْ: لَا يُعْرَفُ النَّسْخُ بِالْعَقْلِ، بَلْ بِالنَّقْلِ الْمُجَرَّدِ، أَوِ الْمَشُوبِ بِاسْتِدْلَالٍ عَقْلِيٍّ، كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْسُوخٌ، كَإِبَاحَةِ الْخَمْرِ، فَإِنَّ نَسْخَهَا عُرِفَ بِالْإِجْمَاعِ، أَوْ بِنَقْلِ الرَّاوِي، نَحْوَ قَوْلِهِ: رُخِّصَ لَنَا فِي الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ النِّسَاءِ - ثُمَّ نُهِينَا عَنْهَا. كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute