للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثَلَاثَةً، «وَلِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا، مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا» ، بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ ; فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي النَّصِّ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْعَامِّ، وَدَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةٌ كَمَا سَبَقَ، فَإِذَا قَالَ: أَكْرِمِ الرِّجَالَ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُكْرِمْ زَيْدًا، كَانَ ذَلِكَ تَخْصِيصًا ; لِأَنَّ دُخُولَ زَيْدٍ فِي الرِّجَالِ بِالنَّظَرِ إِلَى إِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى أَسْمَاءِ الرِّجَالِ ; فَقَالَ: أَكْرِمْ عَمْرًا وَبَكْرًا وَبِشْرًا وَخَالِدًا وَجَعْفَرًا وَزَيْدًا، حَتَّى أَتَى عَلَى أَسْمَائِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُكْرِمْ زَيْدًا، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَخْصِيصًا بَلْ نَسْخًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُبَيِّنُ أَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ الْخَاصِّ لَيْسَ مُرَادًا مِنَ اللَّفْظِ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ مُحْتَمِلٌ لِإِرَادَتِهِ وَعَدَمِهَا وَذَلِكَ صَحِيحٌ مُفِيدٌ. أَمَّا إِذَا نَصَّ عَلَى إِرَادَةِ مَدْلُولِ لَفْظٍ كَزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الرِّجَالِ، لَمْ يَصِحَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ لِإِفْضَائِهِ إِلَى التَّنَاقُضِ، بَلْ يَكُونُ نَسْخًا ; لِأَنَّ التَّنَاقُضَ مِنْ لَوَازِمِهِ.

قَوْلُهُ: «وَيُفَارِقُ النَّسْخَ فِي الِاتِّصَالِ، وَفِي رَفْعِ حُكْمِ بَعْضِ النَّصِّ، وَفِي مَنْعِ دُخُولِ الْمُسْتَثْنَى عَلَى تَعْرِيفِهِ الثَّانِي» .

هَذَا بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالنَّسْخِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاتِّصَالُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالنَّسْخُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ، بَلْ يُشْتَرَطُ تَرَاخِيهِ كَمَا مَرَّ. وَسَبَبُ الْفَرْقِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ النَّاسِخِ مَعَ الْمَنْسُوخِ ; فَإِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ، وَيُنَافِي الْمَنْسُوخُ ; فَاتِّصَالُهُ بِهِ يَكُونُ تَهَافُتًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>