الرَّابِعَةُ: خِطَابُ النَّاسِ، وَالْمُؤْمِنِينَ، وَالْأُمَّةِ، وَالْمُكَلَّفِينَ يَتَنَاوَلُ الْعَبْدَ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ. وَخُرُوجُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَحْكَامِ لِعَارِضٍ، كَالْمَرِيضِ، وَالْمُسَافِرِ، وَالْحَائِضِ. وَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي خِطَابِ النَّاسِ، وَمَا لَا مُخَصِّصَ لِأَحَدِ الْقَبِيلَيْنِ فِيهِ، كَأَدَوَاتِ الشَّرْطِ دُونَ مَا يَخُصُّ غَيْرَهُنَّ، كَالرِّجَالِ وَالذُّكُورِ. أَمَّا نَحْوُ: الْمُسْلِمِينَ، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا [الْبَقَرَةِ: ١٨٧] ; فَلَا يَدْخُلْنَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْأَكْثَرِينَ، خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَابْنِ دَاوُدَ، وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ أَرَادُوا بِدَلِيلٍ خَارِجٍ أَوْ قَرِينَةٍ فَاتِّفَاقٌ. وَإِلَّا فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ.
لَنَا: الْقَطْعُ بِاخْتِصَاصِ الذُّكُورِ بِهَذِهِ الصِّيَغِ لُغَةً، وَقَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَالُ الرِّجَالِ، ذُكِرُوا وَلَمْ تُذْكَرِ النِّسَاءُ ; فَنَزَلَ:» {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٥] ; فَفَهِمَتْ عَدَمَ دُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَإِلَّا لَمَا سَأَلَتْ، وَلَكَانَ (وَالْمُسْلِمَاتِ) وَنَحْوُهُ تَكْرَارًا.
قَالُوا: مَتَى اجْتَمَعَا، غُلِّبَ الْمُذَكَّرُ. وَلَوْ أَوْصَى لِرِجَالٍ وَنِسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُمْ، دَخَلْنَ، وَأَكْثَرُ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْقَبِيلَيْنِ بِالصِّيَغِ الْمَذْكُورَةِ.
قُلْنَا: بِقَرَائِنَ، لِشَرَفِ الذُّكُورِيَّةِ، وَالْإِيصَاءِ الْأَوَّلِ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ " الرَّابِعَةُ: خِطَابُ النَّاسِ "، أَيِ: الْخِطَابُ الْوَارِدُ مُضَافًا إِلَى النَّاسِ " وَالْمُؤْمِنِينَ، وَالْأُمَّةِ وَالْمُكَلَّفِينَ " نَحْوُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ [الْبَقَرَةِ: ٢١] ، {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} [النُّورِ: ٣١] ، {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آلِ عِمْرَانَ: ١١٠] ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْعَبْدَ، أَيْ: يَدْخُلُ فِيهِ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ، أَيْ: مِنَ النَّاسِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْأُمَّةِ وَالْمُكَلَّفِينَ.
" وَخُرُوجُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَحْكَامِ "، كَوُجُوبِ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالْجُمُعَةِ إِنَّمَا هُوَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ، وَهُوَ فَقْرُهُ وَاشْتِغَالُهُ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، " كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْحَائِضِ "، يَتَنَاوَلُهُمُ الْخِطَابُ الْمَذْكُورُ، وَيَخْرُجُونَ عَنْ بَعْضِ الْأَحْكَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute