. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُسْتَدِلَّ بِالْقِيَاسِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ عِلَّةَ الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ كَذَا لِيَلْحَقَ بِهِ الْفَرْعُ الْمَقِيسُ، وَأَرَادَ تَبْيِينَ الْعِلَّةِ بِالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، ذَكَرَ كُلَّ عِلَّةٍ عُلِّلَ بِهَا حُكْمُ الْأَصْلِ، ثُمَّ يُبْطِلُ الْجَمِيعَ إِلَّا الْعِلَّةَ الَّتِي يَخْتَارُهَا، فَيَتَعَيَّنُ التَّعْلِيلُ بِهَا، فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي الْفَرْعِ بِوَاسِطَتِهَا، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: «عِلَّةُ الرِّبَا» فِي الْبُرِّ وَنَحْوِهِ إِمَّا «الْكَيْلُ أَوِ الطُّعْمُ أَوِ الْقُوتُ، وَالْكُلُّ» أَيْ: الْعِلَلُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ «إِلَّا الْأُولَى» مَثَلًا، وَهِيَ الْكَيْلُ إِنْ كَانَ حَنْبَلِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا، أَوْ إِلَّا الطُّعْمُ إِنْ كَانَ شَافِعِيًّا، أَوْ إِلَّا الْقُوتُ إِنْ كَانَ مَالِكِيًّا، فَيَتَعَيَّنُ لِلتَّعْلِيلِ، وَيُلْحِقُ الْأُرْزَ وَالذَّرَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِالْبُرِّ بِجَامِعِ الْكَيْلِ، وَيُقِيمُ الدَّلِيلَ عَلَى بُطْلَانِ مَا أَبْطَلَهُ، إِمَّا بِانْتِقَاضِهِ انْتِقَاضًا مُؤَثِّرًا، أَوْ بِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَالِاتِّفَاقِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ عِبَارَةِ «الْمُخْتَصِرِ» أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّبْرِ أُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مُعَلَّلًا، إِذْ لَوْ كَانَ تَعَبُّدًا، لَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَى تَعْلِيلِهِ - قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ - إِذْ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَلَفًا فِي تَعْلِيلِهِ، فَلِلْخَصْمِ الْتِزَامُهُ التَّعَبُّدَ فِيهِ، فَيَبْطُلُ الْقِيَاسُ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ الْمُسْتَدِلُّ مُنَاظِرًا، أَوْ خَصْمُهُ مُنْتَمِيًا إِلَى مَذْهَبٍ ذِي مَذْهَبٍ ; كَفَاهُ مُوَافَقَةُ الْخَصْمِ عَلَى التَّعْلِيلِ، وَلَمْ يُعْتَبَرِ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ مِنَ الْأُمَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ مُجْتَهِدًا، اعْتُبِرَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَعْلِيلِهِ، إِذِ الْمُجْتَهِدُ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، إِذْ بَدَوْنِهِ لَهُ أَنْ يَلْزَمَ التَّعَبُّدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute