للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَهْلِ النَّارِ، وَنُوحٌ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: التَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَا قَاطِعَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَلَا نِزَاعَ فِي احْتِمَالِ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ، وَانْهُ لَيْسَ بِمُحَالٍ عَقْلًا.

أَمَّا مِنْ حَيْثُ الظُّهُورُ ; فَالظَّاهِرُ مَعَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ابْنُهُ لِصُلْبِهِ، وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لِلْفِرَاشِ دُونَ الصُّلْبِ، وَانْبَنَى عَلَى النِّزَاعِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هُودٍ: ٤٦] فَقَرَأَ الْحَسَنُ وَمَنْ تَابَعَهُ: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} بِالرَّفْعِ، يَعْنِي: ابْنُ نُوحٍ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّنَا وَهُوَ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، وَهِيَ قِرَاءَةُ السَّبْعَةِ إِلَّا الْكِسَائِيَّ ; فَإِنَّهُ قَرَأَ: عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ عَلَى الْفِعْلِ الْمَاضِي، يَعْنِي عَمِلَ الْكُفْرَ، لَا أَنَّهُ مِنْ زِنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمُجْمَلَ وَالْمُبَيَّنَ يَتَفَاوَتَانِ فِي مَرَاتِبِ الْإِجْمَالِ وَالْبَيَانِ ; فَيَكُونُ بَعْضُ الْأَلْفَاظِ أَشَدَّ إِجْمَالًا مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهَا أَشَدَّ بَيَانًا مِنْ بَعْضٍ.

وَمِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ ق: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: ٣٩ - ٤٠] وَفِي سُورَةِ الطُّورِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطُّورِ: ٤٨ - ٤٩] ، وَفِي سُورَةِ هُودٍ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هُودٍ: ١١٤] . فَهَذِهِ الْآيَاتُ إِشَارَةٌ إِلَى مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ الْخَمْسِ، وَأَشَدُّ بَيَانًا مِنْهَا فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ سُبْحَانَ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} ، يَعْنِي الظَّهْرَ {إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} يَتَنَاوَلُ الْعَصْرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>