الْقَوْلُ فِي النَّسْخِ
وَهُوَ لُغَةً: الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَالرِّيحُ الْأَثَرَ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يُشْبِهُ النَّقْلَ، نَحْوَ نَسَخْتُ الْكِتَابَ، وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا هُوَ حَقِيقَةٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الرَّفْعِ.
وَشَرْعًا: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: هُوَ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ الْمُتَقَدِّمَ، زَائِلٌ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَكَانَ ثَابِتًا، وَهُوَ حَدٌّ لِلنَّاسِخِ لَا لِلنَّسْخِ، لَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ.
وَقِيلَ: هُوَ رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ، بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ عَنْهُ.
فَالرَّفْعُ: إِزَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَبَقِيَ ثَابِتًا، كَرَفْعِ الْإِجَارَةِ بِالْفَسْخِ ; فَإِنَّهُ يُغَايِرُ زَوَالَهَا بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهَا. وَبِالْخِطَابِ الْمُتَقَدِّمِ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ حُكْمِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، إِذْ لَيْسَ بِنَسْخٍ. وَبِخِطَابٍ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ ; فَلَيْسَ بِنَسْخٍ. وَاشْتِرَاطُ التَّرَاخِي احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِمُتَّصِلٍ، كَالشَّرْطِ، وَالِاسْتِثْنَاءِ، وَنَحْوِهِ ; فَإِنَّهُ بَيَانٌ لَا نَسْخٌ.
وَالْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ: رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، بِمِثْلِهِ، مُتَرَاخٍ عَنْهُ. لِيَدْخُلَ مَا ثَبَتَ بِالْخِطَابِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ إِشَارَةٍ، أَوْ إِقْرَارٍ ; فِيهِمَا.
ــ
«الْقَوْلُ فِي النَّسْخِ: وَهُوَ لُغَةً» - أَيْ: فِي اللُّغَةِ - الرَّفْعُ وَالْإِزَالَةُ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَنَسَخَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ، أَيْ: رَفَعَتْهُ وَأَزَالَتْهُ ; لِأَنَّ الشَّمْسَ إِذَا قَابَلَتْ مَوْضِعَ الظِّلِّ، ارْتَفَعَ وَزَالَ، وَالرِّيحَ إِذَا مَرَّتْ عَلَى آثَارِ الْمَشْيِ، ارْتَفَعَتْ وَزَالَتْ.
قَوْلُهُ: «وَقَدْ يُرَادُ بِهِ» ، أَيْ: بِالنَّسْخِ، مَا يُشْبِهُ النَّقْلَ نَحْوَ: نَسَخْتُ الْكِتَابَ، فَإِنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ لَيْسَ نَقْلًا لِمَا فِي الْمَنْسُوخِ مِنْهُ حَقِيقَةً، لِبَقَائِهِ بَعْدَ النَّسْخِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute