وَقِيَاسُ الشَّبَهِ: قِيلَ: إِلْحَاقُ الْفَرْعِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ أَصْلَيْنِ بِمَا هُوَ أَشْبَهُ مِنْهُمَا، كَالْعَبْدِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْبَهِيمَةِ، وَالْمَذْيِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ.
وَقِيلَ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى حِكْمَةٍ مَا مِنْ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ، إِذِ الْوَصْفُ إِمَّا مُنَاسِبٌ مُعْتَبَرٌ كَشِدَّةِ الْخَمْرِ، أَوْ لَا، كَلَوْنِهَا وَطَعْمِهَا، أَوْ مَا ظُنَّ مَظِنَّةً لِلْمَصْلَحَةِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَإِلْحَاقِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِمَسْحِ الْخُفِّ فِي نَفْيِ التَّكْرَارِ، لِكَوْنِهِ مَمْسُوحًا تَارَةً، وَبِبَاقِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِي إِثْبَاتِهِ لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الطَّهَارَةِ أُخْرَى.
فَالْأَوَّلُ: قِيَاسُ الْعِلَّةِ، وَكَذَلِكَ اتِّبَاعُ كُلِّ وَصْفٍ ظَهَرَ كَوْنُهُ مَنَاطًا لِلْحُكْمِ.
وَالثَّانِي: طَرْدِيٌّ بَاطِلٌ.
وَالثَّالِثُ: الشَّبَهُ، وَفِي صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهِ قَوْلَانِ لِأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَالْأَظْهَرُ: نَعَمْ لِإِثَارَتِهِ الظَّنَّ، خِلَافًا لِلْقَاضِي.
وَالِاعْتِبَارُ بِالشَّبَهِ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً خِلَافًا لِابْنِ عَلِيَّةَ.
وَقِيلَ: بِمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مَنَاطٌ لِلْحُكْمِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَقِيَاسُ الشَّبَهِ» إِلَى آخِرِهِ.
اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْأُصُولِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالْمُمَاثَلَةِ وَالْمُشَابَهَةِ، وَإِنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ مَا سَاوَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَشِبْهَ الشَّيْءِ وَشَبِيهَهُ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ مِنَ الْأَوْصَافِ.
وَحِينَئِذٍ تَتَفَاوَتُ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَهُمَا قُوَّةً وَضَعْفًا بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْأَوْصَافِ الْمُشْتَرِكَةِ بَيْنَهُمَا كَثْرَةً وَقِلَّةً، فَإِذَا اشْتَرَكَا فِي عَشَرَةِ أَوْصَافٍ، كَانَتِ الْمُشَابَهَةُ بَيْنَهُمَا كَثْرَةً أَقْوَى مِمَّا إِذَا اشْتَرَكَا فِي تِسْعَةٍ فَمَا دُونَ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute