وَكُلُّ مُتَأَوِّلٍ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ وَعَاضِدِهِ. وَقَدْ يَدْفَعُ الِاحْتِمَالَ مَجْمُوعُ قَرَائِنِ الظَّاهِرِ، دُونَ آحَادِهَا، كَتَأْوِيلِ الْحَنَفِيَّةِ الْمُفَارَقَةَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: «أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» ، عَلَى تَرْكِ نِكَاحِهِنَّ ابْتِدَاءً، وَعَضَّدُوهُ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ عَدَمُ أَوْلَوِيَّةِ بَعْضِهِنَّ بِالْإِمْسَاكِ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ نَحْوِهِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَكُلُّ مُتَأَوِّلٍ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ وَعَاضِدِهِ» أَيْ: وَكُلُّ مَنْ أَرَادَ تَأْوِيلَ ظَاهِرٍ مِنَ الظَّوَاهِرِ، فَعَلَيْهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: بَيَانُ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ مَعَ الظَّاهِرِ.
الثَّانِي: بَيَانُ عَاضِدِهِ، أَيْ: عَاضِدِ الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ، أَيْ: لِدَلِيلِ الَّذِي يُعَضِّدُهُ وَيُقَوِّيهِ، حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يُبَيِّنِ الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ، لَمْ يَكُنْ بَيَانُ الدَّلِيلِ الْعَاضِدِ لِلِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ وَلَمْ نَتَحَقَّقِ التَّأْوِيلَ، إِذْ شَرْطُهُ الدَّلِيلُ، فَيَبْقَى الِاحْتِمَالُ الْمَرْجُوحُ مُجَرَّدًا، وَهُوَ لَا يُقَاوِمُ الظَّاهِرَ.
قَوْلُهُ: «وَقَدْ يَدْفَعُ الِاحْتِمَالَ مَجْمُوعُ قَرَائِنِ الظَّاهِرِ دُونَ آحَادِهَا» ، يَعْنِي أَنَّ الظَّاهِرَ وَالِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ إِذَا تَقَابَلَا، فَقَدْ يَحْتَفُّ بِالظَّاهِرِ قَرَائِنُ تَدْفَعُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ وَتُبْطِلُهُ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَرَائِنِ دَافِعَةً لِلِاحْتِمَالِ وَحْدَهَا، وَقَدْ لَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِمَجْمُوعِ تِلْكَ الْقَرَائِنِ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ قُوَّةِ الْقَرَائِنِ وَظُهُورِهَا، وَمُقَاوَمَتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute