. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَشْخُبُ دَمًا، فَهَذَا كُلُّهُ " صَرِيحٌ " فِي التَّعْلِيلِ " عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ " خُصُوصًا فِيمَا لَحِقَتْهُ الْفَاءُ، نَحْوَ: فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّيًا، فَإِنَّهُ يَزْدَادُ بِهَا تَأَكُّدًا لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا سَبَبٌ لِلْحُكْمِ قَبْلَهَا، وَهُوَ " إِيمَاءٌ عِنْدَ غَيْرِ " أَبِي الْخَطَّابِ.
قُلْتُ: النِّزَاعُ فِي هَذَا لَفْظِيٌّ، لِأَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ يَعْنِي بِكَوْنِهِ صَرِيحًا فِي التَّعْلِيلِ كَوْنَهُ تَبَادَرَ مِنْهُ إِلَى الذِّهْنِ بِلَا تَوَقُّفٍ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ، وَغَيْرَهُ يَعْنِي بِكَوْنِهِ لَيْسَ بِصَرِيحٍ أَنَّ حَرْفَ إِنَّ لَيْسَتْ مَوْضُوعَةً لِلتَّعْلِيلِ فِي اللُّغَةِ. وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى التَّحْقِيقِ، وَإِنَّمَا فُهِمَ التَّعْلِيلُ مِنْهُ فَهْمًا ظَاهِرًا مُتَبَادَرًا بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ وَصِيَانَةً لَهُ عَنِ الْإِلْغَاءِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ; لَوْ قُدِّرَ اسْتِقْلَالُهُ وَعَدَمُ تَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ، فَتَعَيَّنَ لِذَلِكَ ارْتِبَاطُهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَلَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا ارْتِبَاطُ الْعِلَّةِ بِمَعْلُولِهَا، وَالسَّبَبُ بِمُسَبِّبِهِ. فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَثْبُتُ كَوْنُهُ لِلتَّعْلِيلِ لَا بِوَضْعِ اللُّغَةِ.
" الثَّانِي ": أَيْ: الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ بِدَلِيلٍ نَقْلِيٍّ " الْإِيمَاءُ ": وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْإِشَارَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّصِّ أَنَّ النَّصَّ يَدُلُّ عَلَى الْعِلَّةِ بِوَصْفِهِ لَهَا، وَالْإِيمَاءَ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ، كَدَلَالَةِ نَقْصِ الرُّطَبِ عَلَى التَّفَاضُلِ، أَوْ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ الِاسْتِدْلَالِ عَقْلًا، " وَهُوَ أَنْوَاعٌ ":
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute