للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَامِسَةُ: مُقْتَضَى الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ الْفَوْرُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي عِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَتَوَقَّفَ قَوْمٌ فِي الْفَوْرِ وَالتَّكْرَارِ وَضِدِّهِمَا، لِلتَّعَارُضِ. لَنَا: {وَسَارِعُوا} [آلِ عِمْرَانَ: ١٣٣] ، {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} [الْحَدِيدِ: ٢١] ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ. وَلَوْ أَخَّرَ الْعَبْدُ أَمْرَ سَيِّدِهِ الْمُجَرَّدِ اسْتَحَقَّ الذَّمَّ، وَأَوْلَى الْأَزْمِنَةِ بِالِامْتِثَالِ عَقِيبَ الْأَمْرِ احْتِيَاطًا وَتَحْصِيلًا لَهُ إِجْمَاعًا، وَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِمَّا لَا إِلَى غَايَةٍ ; فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ بِالْكُلِّيَّةِ ; لِأَنَّهُ إِمَّا لَا إِلَى بَدَلٍ ; فَيُلْحَقُ بِالْمَنْدُوبَاتِ. أَوْ إِلَى بَدَلٍ ; فَهُوَ إِمَّا الْوَصِيَّةُ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ، لِعَدَمِ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهَا، أَوِ الْعَزْمِ، وَلَيْسَ بِبَدَلٍ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ وَقْتِ الْمُبْدَلِ، وَعَدَمِ جَوَازِ الْبَدَلِ حِينَئِذٍ.

أَوْ إِلَى غَايَةٍ مَجْهُولَةٍ ; فَهُوَ جَهَالَةٌ، أَوْ مَعْلُومَةٌ ; فَتَحَكُّمٌ وَتَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.

أَوْ إِلَى وَقْتٍ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ إِدْرَاكُهُ ; فَبَاطِلٌ، لِإِتْيَانِ الْمَوْتِ بَغْتَةً.

قَالُوا: الْأَمْرُ يَقْتَضِي فِعْلَ الْمَاهِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ نِسْبَةَ الْفِعْلِ إِلَى جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ سَوَاءٌ ; فَالتَّخْصِيصُ بِالْفَوْرِ تَحَكُّمٌ، وَتَعَلُّقُ الزَّمَانِ بِالْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ، وَالضَّرُورَةُ تُدْفَعُ بِأَيِّ زَمَنٍ كَانَ ; وَلِأَنَّهُ مِنْ لَوَازِمِ الْفِعْلِ ; فَلَا يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ كَالْمَكَانِ وَالْآلَةِ وَالْمَحَلِّ، وَالْأَدِلَّةُ مُتَقَارِبَةٌ، وَقَوْلُ الْوَاقِفِيَّةِ ضَعِيفٌ.

ــ

الْمَسْأَلَةُ " الْخَامِسَةُ: الْأَمْرُ إِنِ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرِينَةُ فَوْرٍ أَوْ تَرَاخٍ ; عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا، أَيْ: مُجَرَّدًا عَنْ قَرِينَةٍ ; فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>