للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْكَارُ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي رِوَايَةِ الْفَرْعِ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةَ. لَنَا: عَدْلٌ جَازِمٌ؛ فَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، وَيُحْمَلُ إِنْكَارُ الشَّيْخِ عَلَى نِسْيَانِهِ، جَمْعًا بَيْنَهُمَا، وَقَدْ رَوَى رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» . ثُمَّ نَسِيَهُ سُهَيْلٌ؛ فَكَانَ بَعْدُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ، عَنِّي، أَنِّي حَدَّثْتُهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ التَّابِعِينَ. قَالُوا: هُوَ فَرْعٌ لِشَيْخِهِ فِي الْإِثْبَاتِ؛ فَكَذَا فِي النَّفْيِ. وَكَالشَّهَادَةِ. قُلْنَا: مَمْنُوعٌ بِمَا ذَكَرْنَا، وَبَابُ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ؛ فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ.

ــ

قَوْلُهُ: «وَإِنْكَارُ الشَّيْخِ الْحَدِيثَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي رِوَايَةِ الْفَرْعِ لَهُ» ، إِلَى آخِرِهِ.

اعْلَمْ أَنْ إِنْكَارَ الْأَصْلِ لِرِوَايَةِ الْفَرْعِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَزْمِ بِالْإِنْكَارِ، أَوْ مَعَ التَّرَدُّدِ فِيهِ.

فَإِنْ كَانَ مَعَ الْجَزْمِ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إِنْكَارَ تَكْذِيبٍ لِلْفَرْعِ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ إِنْكَارَ تَكْذِيبٍ لِلْفَرْعِ؛ فَحَكَى الْآمِدِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُكَذِّبُ الْآخَرَ؛ فَأَحَدُهُمَا كَاذِبٌ، لَا بِعَيْنِهِ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِنْكَارَ تَكْذِيبٍ، أَوْ كَانَ إِنْكَارُ الْأَصْلِ غَيْرَ جَازِمٍ، بَلْ كَانَ شَاكًّا فِي رِوَايَةِ الْفَرْعِ؛ فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِيهَا، وَيَجِبُ قَبُولُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ عِنْدَنَا، وَ «هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ» ؛ فَقَالُوا: لَا يُقْبَلُ. هَكَذَا يَحْكِي بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ الْخِلَافَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَذْهَبُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لِرَدِّهِمْ حَدِيثَ رَبِيعَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>