للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَإِنَّمَا هُوَ مُشْبِهٌ لِلنَّقْلِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ صَارَ مِثْلَهُ فِي الْفَرْعِ، لَفْظًا وَمَعْنًى.

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ تَنَاسُخُ الْمَوَارِيثِ، وَهُوَ انْتِقَالُ حَالِهَا بِانْتِقَالِهَا مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، مَعَ بَقَاءِ الْمَوَارِيثِ فِي نَفْسِهَا.

قَوْلُهُ: «وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا هُوَ حَقِيقَةٌ» ، أَيِ: اخْتُلِفَ فِي النَّسْخِ، فِي أَيِّ الْمَعْنَيَيْنِ هُوَ حَقِيقَةٌ، هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ، أَوْ فِي النَّقْلِ وَمَا يُشْبِهُهُ؟ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا بِالِاشْتِرَاكِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ، مَجَازٌ فِي النَّقْلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: عَكْسُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي النَّقْلِ، مَجَازٌ فِي الْإِزَالَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ. ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ وَأَصْحَابَهَا الْآمِدِيُّ.

قَوْلُهُ: «وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الرَّفْعِ» ، أَيِ: الْأَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ النَّسْخَ حَقِيقَةٌ فِي الرَّفْعِ، مَجَازٌ فِي النَّقْلِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ ; لِأَنَّ التَّعَارُضَ فِي الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، قَدْ وَقَعَ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبَيْنَ الْمَجَازِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الِاشْتِرَاكِ ; فَيَبْقَى الْأَمْرُ دَائِرًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَهُوَ أَنَّ النَّسْخَ حَقِيقَةٌ فِي الرَّفْعِ، مَجَازٌ فِي النَّقْلِ، أَوْ فِي الْعَكْسِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ عَلَى مَا فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّفْعَ أَخَصُّ مِنَ النَّقْلِ ; فَيَكُونُ أَوْلَى بِحَقِيقَةِ النَّسْخِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>