السَّابِعَةُ: الْجُمْهُورُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ عُدُولٌ، لَا حَاجَةَ إِلَى الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ. وَقِيلَ: إِلَى أَوَانِ الْخِلَافِ لِشَيَاعِ الْمُخْطِئِ مِنْهُمْ فِيهِمْ. وَقِيلَ: هُمْ كَغَيْرِهِمْ.
لَنَا: ثَنَاءُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِمْ، نَحْوَ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} ، {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} ، «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي» ، إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا، لَا تُؤْذُونِي فِي أَصْحَابِي، وَسَلْبُهُمُ الْعَدَالَةَ أَذًى لَهُ فِيهِمْ. ثُمَّ فِيمَا تَوَاتَرَ مِنْ صَلَاحِهِمْ، وَطَاعَتِهِمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ غَايَةُ التَّعْدِيلِ.
وَالصَّحَابِيُّ: مَنْ صَحِبَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ سَاعَةً، أَوْ رَآهُ، مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ، إِذْ حَقِيقَةُ الصُّحْبَةِ: الِاجْتِمَاعُ بِالْمَصْحُوبِ. وَقِيلَ: مَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ عُرْفًا. وَقِيلَ: سَنَتَيْنِ، وَغَزَا مَعَهُ غَزَاةً أَوْ غَزَاتَيْنِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ عَنْهُ، أَوْ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إِذْ هُوَ مُتَّهَمٌ بِتَحْصِيلِ مَنْصِبِ الصَّحَابَةِ، وَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيعُ قَبُولِ قَوْلِهِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ، إِذْ عَدَالَتُهُمْ فَرْعُ الصُّحْبَةِ؛ فَلَوْ أُثْبِتَتِ الصُّحْبَةُ بِهَا، لَزِمَ الدَّوْرُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «السَّابِعَةُ: الْجُمْهُورُ» ، أَيْ: مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عُدُولٌ مُطْلَقًا، لَا حَاجَةَ إِلَى الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ. وَقِيلَ: إِلَى أَوَانِ الْخِلَافِ، أَيْ: لَمْ يَزَالُوا عُدُولًا، حَتَّى وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَهُمْ، وَاقْتَتَلُوا؛ لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ صَارُوا فِئَتَيْنِ، وَالْحَقُّ بِالضَّرُورَةِ لَا يَكُونُ فِي الطَّرَفَيْنِ. فَإِحْدَاهُمَا عَلَى بَاطِلٍ قَطْعًا؛ فَهِيَ فَاسِقَةٌ، لَكِنَّ الْفَاسِقَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ؛ فَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ رَدَّ قَوْلَ الْجَمِيعِ، لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْفَاسِقِ مِنْهُمْ مِنَ الْعَدْلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ، دُونَ حَالَةِ مُعَارَضَةِ غَيْرِهِ لَهُ، لِعَدَمِ تَمْيِيزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute