الْعَاشِرَةُ: تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِالْمَعْدُومِ بِمَعْنَى طَلَبِ إِيقَاعِ الْفِعْلِ مِنْهُ حَالَ عَدَمِهِ مُحَالٌ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، أَمَّا بِمَعْنَى تَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهُ بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
لَنَا: تَكْلِيفُ أَوَاخِرِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ بِمَا كُلِّفَ بِهِ أَوَائِلُهُمْ مِنْ مُقْتَضَى كُتُبِهِمُ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، وَتَكْلِيفُنَا بِمُقْتَضَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِمَا غَيْرُنَا.
قَالُوا: يَسْتَحِيلُ خِطَابُهُ ; فَكَذَا تَكْلِيفُهُ.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ اسْتِحَالَةَ خِطَابِهِ، سَلَّمْنَاهُ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَحَقُّقِهِ وُجُودَ الْمُكَلَّفِ، وَكَمَالَ قُدْرَتِهِ عَلَى إِيجَادِهِ، لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ: إِنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ، وَإِنَّ تَأْثِيرَ الْقُدْرَةِ لَيْسَتْ فِي إِيجَادِ الْمَعْدُومِ، بَلْ فِي إِظْهَارِ الْأَشْيَاءِ مِنْ رُتْبَةِ الْخَفَاءِ إِلَى رُتْبَةِ الْجَلَاءِ، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُخَاطِبُ وَلَدًا يَتَوَقَّعُهُ فِي كِتَابٍ: يَا بُنَيَّ، تَعَلَّمِ الْعِلْمَ، وَافْعَلْ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يُعَدُّ سَفِيهًا.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «الْعَاشِرَةُ: تَعَلُّقُ الْأَمْرِ بِالْمَعْدُومِ» ، إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: تَوَجُّهُ الْأَمْرِ إِلَى الْمَعْدُومِ ; إِنْ كَانَ بِمَعْنَى طَلَبِ إِيقَاعِ الْفِعْلِ مِنْهُ حَالَ عَدَمِهِ ; فَهُوَ مُحَالٌ، بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ ; فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، وَلِأَنَّ شُرُوطَ التَّكْلِيفِ كُلَّهَا مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْخِطَابِ لَهُ بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ، وَوُجُودِ شُرُوطِ التَّكْلِيفِ فِيهِ ; فَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute