السَّادِسَةُ: الْجَرْحُ: نِسْبَةُ مَا يُرَدُّ لِأَجْلِهِ الْقَوْلُ إِلَى الشَّخْصِ، وَالتَّعْدِيلُ: خِلَافُهُ. اعْتَبَرَ قَوْمٌ بَيَانَ السَّبَبِ فِيهِمَا، وَنَفَاهُ آخَرُونَ، اعْتِمَادًا عَلَى الْجَارِحِ وَالْمُعَدِّلِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ خَبِيرًا ضَابِطًا ذَا بَصِيرَةٍ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا. أَوْ يُطَالَبُ بِالسَّبَبِ.
وَعِنْدَنَا: إِنَّمَا يُعْتَبَرُ بَيَانُهُ فِي الْجَرْحِ فِي قَوْلٍ، لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ، وَاعْتِقَادِ بَعْضِهِمْ مَا لَيْسَ سَبَبًا سَبَبًا. وَفِي قَوْلٍ: لَا. اكْتِفَاءً بِظُهُورِ أَسْبَابِ الْجَرْحِ. وَالْجَرْحُ مُقَدَّمٌ لِتَضَمُّنِهِ زِيَادَةً خَفِيَتْ عَنِ الْمُعَدِّلِ، وَإِنْ زَادَ عَدَدُهُ عَلَى عَدَدِ الْجَارِحِ فِي الْأَظْهَرِ فِيهِ.
وَاعْتَبَرَ الْعَدَدَ فِيهِمَا قَوْمٌ، وَنَفَاهُ آخَرُونَ. وَعِنْدَنَا: يُعْتَبَرُ فِي الشَّهَادَةِ دُونَ الرِّوَايَةِ، وَإِلَّا لَزَادَ الْفَرْعُ عَلَى الْأَصْلِ، إِذِ التَّعْدِيلُ لِلرِّوَايَةِ تَبَعٌ وَفَرْعٌ لَهَا.
وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ، إِنْ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ رِوَايَتُهُ، إِذْ عَدَمُ كَمَالِ نِصَابِهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَقَدْ رَوَى النَّاسُ عَنْ أَبِي بَكَرَةَ. وَإِلَّا رُدَّتْ حَتَّى يَتُوبَ.
وَتَعْدِيلُ الرَّاوِي: إِمَّا بِصَرِيحِ الْقَوْلِ، وَتَمَامُهُ: هُوَ عَدْلٌ رِضًى، مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ، أَوْ بِالْحُكْمِ بِرِوَايَتِهِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ التَّعْدِيلِ الْقَوْلِيِّ، وَلَيْسَ تَرْكُ الْحُكْمِ بِهَا جَرْحًا، أَوْ بِالْعَمَلِ بِخَبَرِهِ إِنْ عُلِمَ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لِلْعَمَلِ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِلَّا لَفَسَقَ الْعَامِلُ، وَفِي كَوْنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ تَعْدِيلًا لَهُ قَوْلَانِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إِنْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ، أَوْ عَادَتِهِ، أَوْ صَرِيحِ قَوْلِهِ، أَنَّهُ لَا يَرَى الرِّوَايَةَ، وَلَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ، كَانَتْ تَعْدِيلًا، وَإِلَّا فَلَا، إِذْ قَدْ يَرْوِي الشَّخْصُ عَمَّنْ لَوْ سُئِلَ عَنْهُ لَسَكَتَ. وَقَوْلُهُ: سَمِعْتُ فُلَانًا، صِدْقٌ. وَلَعَلَّهُ جَهِلَ حَالَهُ؛ فَرَوَى عَنْهُ، وَوَكَلَ الْبَحْثَ إِلَى مَنْ أَرَادَ الْقَبُولَ.
ــ
الْمَسْأَلَةُ «السَّادِسَةُ: الْجَرْحُ: نِسْبَةُ مَا يُرَدُّ لِأَجْلِهِ الْقَوْلُ إِلَى الشَّخْصِ» .
هَذَا الْكَلَامُ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَلَا خَفَاءَ فِي مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِيُعْلَمَ مَنْ يَنْبَغِي الْأَخْذُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ.
وَحَقِيقَةُ الْجَرْحِ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - هُوَ الْقَطْعُ فِي الْجِسْمِ الْحَيَوَانِيِّ بِحَدِيدٍ، أَوْ مَا قَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute